عدنان علامة *
ما أورده الصحفي الإسرائيلي رونين برغمان في يديعوت أحرونوت اليوم، ليس تفصيلًا عابرًا، بل إقرارًا خطيرًا بفشل استخباراتي إسرائيلي ممتد لثلاثة عقود. فلو ثبت أن “إسرائيل” تقف خلف اختطاف الضابط اللبناني أحمد شكر، فهذا يعني أن تل أبيب بنت كامل سرديتها وتحقيقاتها حول الطيار المفقود على فرضيات خاطئة، واتجهت طوال سنوات في المسار المعاكس للحقيقة.
والأخطر من التحليل الإسرائيلي، هو الصمت اللبناني المطبق. هذا الصمت لم يعد قابلًا للتفسير بالإهمال أو العجز، بل بات نمطًا ثابتًا: حين تكون “إسرائيل” هي الفاعل، تدخل الدولة اللبنانية في حالة إنكار ذاتي، كأن السيادة ملف مؤجل أو قابل للمقايضة.
هذا ليس إفتراءً ولا إتهامًا عبثيًا، بل خلاصة مراقبة دقيقة للأحداث الميدانية. فمنذ مطلع الأسبوع، شهدت قرى ميس الجبل وكفركلا توغلات (أي خرق للسیادة) ونسف منازل ، تزامنًا مع غارات جوية( خرق للسيادة،) لم تستثنِ منطقة واحدة.
واليوم، وصلت الغارات إلى الهرمل (خرق للسيادة ،وعدم وقف العَمليات العدائية) في أقصى الشمال، في توسيع واضح لدائرة العدوان.
وفي المقابل، ماذا فعلت الدولة؟ لا شيء.
الطيران الحربي والمسيّر يحتل سماء لبنان، والاعتداءات تتكرر، والدولة تكتفي بدور المتفرّج، دون أي فعل سيادي، أو حتى موقف سياسي يرتقي إلى مستوى الخطر.
إن البحث الجدي في وسائل الإعلام العبرية قبل العربية يكشف ما يُراد له أن يبقى مخفيًا. ومن يقرأ بعين التحليل لا بعين التبرير، يدرك أن الصمت هنا ليس حيادًا… بل تواطؤ بالصمت.
وفي حادثة مماثلة لإختفاء المواطن السيد أحمد شكر، اذكر لكَ قصة إختفاء المواطن عماد فاضل أَمهز ؛ وكاميرات الَمراقبة فقط أثبتت أن قوة إسرائيلية إختطفته.
وأقبتست َمن الزميل هيثم زعيتر مقدمته عن عملية الإختطاف.
“شكّلت عملية «الكوماندوز» الإسرائيلي، باختطاف المُواطن اللبناني عماد فاضل أمهز (مواليد: حي الوقف – الهرمل، 1986)، تطوراً أمنياً بارزاً، في توقيته ودلالاته وأهدافه ومخاطره، بانكشافٍ أمني واستخباراتي جديد وخطير.
لم يكن الحدث عادياً، في حلقة الصراع ضد الاحتلال الإسرائيلي، مُنذ انطلاق المُواجهات مع لبنان، في اليوم التالي لعملية «طوفان الأقصى»، بتاريخ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
فقد نفذت قوة «كوماندوز» إسرائيلي خاصة، عملية إنزال بحري (إبرار)، في منطقة البترون – مُحافظة الشمال، عند الساعة الثالثة من فجر يوم الجمعة في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، وأقدمت على خطف المُواطن أمهز، الذي يخضع لدورة قبطان، بتهمة الانتماء إلى «حزب لله»”.
وعاد في الإسبوع الَماضي اسم القبطان اللبناني الأسير عماد
أمهز إلى صدارة المنصات تزامنًا مع إختفاء الضابط المتقاعد أحمد شكر، بعد أن نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي ما وصفها بـ”اعترافات مصورة” قال إنها جاءت خلال التحقيق معه.
وفي تعليق أكاديمي، قال الباحث في العلاقات الدولية الدكتور علي مطر إن ما ظهر في الفيديو لا يشير إلى اختراق حقيقي، مضيفا:
“البطل عماد أمهز على الرغم من تعرضه للضغوط للإدلاء بمعلومات، قد أبدى انضباطا وعدم انفعال، وما أدلى به وإن كان في السابق يحمل طابعا سريا إلا أنه بعد استشهاد من ذكرهم لم يعد كذلك، كما أنه لم يقدم أي معلومات خارج السياقات العامة، فالجميع يعلم أن المقاومة كانت تعمل لمواجهة العدو الإسرائيلي، يعني لم يكشف شيئا أصلا”.
قد يكون نشر الفيديو للإيحاء بأن إسرائيل خطفته لفبركة ملف للسيد أحمد لأن المسؤول عن الَملف البحري حسب الفیدیو هو الشهيد القائد الجهادي الكبير السيد فؤاد شَكر.
ولي عتب كبير على السيد عبد السلاَم شكر شقيق المفقود حين ردّ على محاولات ربط العائلة بنسب إلى فؤاد شكر، القيادي في «حزب الله» الذي اغتالته إسرائيل في يوليو (تموز) 2024 في الضاحية الجنوبية
لأن في كلاَمه تناقض وهو أقرب إلى التبرؤ من َمقام الشهيد وشرف إنتمائه إلى عائلة شكر: «لم يكن أحد من أبناء البلدة يعرف فؤاد شكر أصلاً… منذ مطلع الثمانينات خرج من البلدة ولم يعد إليها، وكان بعيداً عن أقربائه»،
فالسيد عبد السلام يعرف إن السيد فؤاد خرج في مطلع الثمانينات من البلدة ولم يعد إليها.
وهذه الأخبار دقيقة جدًا، لأنه عندما علِمَ الشهيد فؤاد بتقدم العدو الصهيوني إلى بيروت، باع نفسه لله سبحانه وتعالى، بل وأنتقل إلي بيروت وبقي في الخطوط الأمامية في الجنوب لاحقًا، لذا لم يعود إلى بلدته.
آمل أن تكون كلمات السيد عبد السلام فلتة لسان أو خانته العبارات.
وأما بالنسبة للوضع القانوني للسيد أحمد فهو يعتبر مفقودًا حتى اللحظة حتى يثبت العكس.
وللأسف جرى تسريب َمعلومة عن إشارة هاتف السيد أحمد عَملت لَمدة 37 ثانية في منطقة الصويرة.
ولذا وإنطلاقًا َمن المسؤولية الشرعية لَمعرفة مصير الضابط اللبناني الَمتقاعد السيد أحمد شكر، لا بد من التذكير بعدم الأخذ بأية معلومة غير صادرة عن المحاَمي الذي يتابع القضية؛ ولوضع الامور في نصابها و وإقفال الباب على التكهنات الى حين جلاء الحقيقة ومعرفة مصير الضابط احمد شكر.
ولا بد من الإشارة بأن السلطة التنفذية هي المسؤولة الوحيدة عن كَشف مصيره الغامض والَملف الآن هو بيد شعبة الَمعلومات، وهو جهاز مَتطور جدًا؛ وتأخره في كشف مصير السيد أحمد، لا شك بأنه ناجم عن تعقيدات في مَتابعة الملف علمًا بأن بعض الأسَماء أصبحت خارج لبنان.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون عاقبة الأمور خيرًا؛ واتمنى من العائلة الكريمة الصبر والإبتعاد عن وسائل الإعلاَم وتحويل الأمور الإعلامية إلى المحامي فهو أخبر بالتفاصيل.
وإنًَ غدًا لناظره قريب
26 كانون الأول/ ديسمبر 2025
*كاتب لبناني

















