د.حسن أحمد حسن
سيدي الشهيد!
ها أنا وكل أمثالي نحني رؤوسنا ونتراصف بخشوع في محراب قداسة الشهداء، نستجدي نبلهم وسمو مقامهم أن يتكرّموا بالسماح للدنو أكثر، فطيف الشهداء ينشر مع عبقه القدسي الخالد أكاليل النور ويبدّد كل ظلمة وديجور…
سيدي الشهيد وصاحب الذكر الحميد والبأس الشديد… يا تاج الرأس وعنوان البأس … يا منبع الحزم وموطن العزم… يا المُسْرَبَلُ بالضياء وقاهر قتلة الأنبياء… يا الفارس المغوار والمقاوم الصامد الجبار الشهيد المقدس يحيى السنوار…
تقبلك المولى وخلد ذكرك النقي الطاهر، وأكرم وفادتك الميمونة لتلحق بالصفوة الشهداء الأبرار الذين سبقوك وحجزوا لك مكانك بينهم مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً …
سيّدي الشهيد المقدس!
دماؤك الزكية الفوارة جرفت معها وهي تغسل أحجار غزة كل أحلام طواغيت الكون… نظراتك الحادة وعيناك اللامعتان كعيني صقر فرد جناحيه وراح يعانق الشمس ويغازل نجوم السماء بلا وجل ولا خوف ولا تردد، وحسبك أنك نفضت غبار الذل عن الرفوف المتعفنة، وضممت إلى صدرك العامر بالإيمان معشوقة الشرفاء الأحرار فلسطين الحبيبة…
يكفيك فخراً وعزا وسمواً وسؤدداً أنك لم تخفْ من سجان بل أخفته، ولم تأبه بقاتل زنديق بل قتلت منهم الكثير الكثير، ويكفيك مجداً وعلوَّ هام أنك لم تجامل أحداً من أقزام العصر الخصيان الذين تعبوا فأنزلوا عن كاهلهم عبء القضية فسارعت لاحتضانها… نعم لقد حملت فلسطين برحابتها على راحتيك الكريمتين النديتين الطاهرتين… دثرتها برموش الإباء… وظللتها بِعَلَمِ الكبرياء، ورفعت رايتها إلى عنان السماء..
سيدي الشهيد القائد السنوار! طوبى وحسن مآب وطيب ذِكْرٍ ومجد وسمو يرافق طيفك مع أبناء جيل عاشوا القهر، ورفضوا الذلة والمهانة فصفعوا تحت قيادتك وجوه الجلادين، ونسفوا أساطير الأولين والآخرين، وأثبتوا للعالم أجمعين أنهم عشاق فلسطين… تحت رايتك المظفرة انطلق الركب واقْتُلِعَتْ أبواب خيبر من جديد… وبفضل يقينك وثقتك بربك وبرجالك الميامين غيَّرت قواعد الزمان والمكان، فتداعت المسلّمات والجدران وتدكدك البنيان، وردَّدَ الأنس والجان تراتيل ملحمة الطوفان…
لاحقوكَ طفلاً فقسى عودك أكثر… سجنوكَ أعواماً فازددْتَ صلابة وحقداً وتصميماً على منازلة السجان ودقّ عنقه… حاصروكَ فأزهرتَ وأثمرتَ، وزرعتَ وحصدتَ بآن معاً… جندوا جيشهم وأجهزة استخباراتهم وأقمارهم الصناعية وأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا فَلَهَوْتَ بهم وقذفت في قلوبهم الرعب إلى أن ضجّت ضلوعهم وارتعدت فرائصهم، فكنتَ الكابوس الذي لا يغادر قادتهم في الليل والنهار، وفي كل مرة كان نعلك المقاوم يطبع على جباه قادتهم الفجار وكبرائهم الأشرار: من هنا مر القائد السنوار…
كفاك فخراً يا أبا إبراهيم أنك ستلقى رب العالمين بثيابك المعطرة بدمائك الطاهرة، وأن الملائكة المقرّبين سيشهدون لك بين يدي مليك مقتدر بأنك احتضنت بندقيتك ولم تفارقها، وبقيت في خندق الاشتباك والدفاع عن القيم والأخلاق وإنسانية الإنسان إلى أن استجاب الله لأمنيتك فرفعك إلى فردوسه الأبقى.
سيدي الشهيد القائد المقدس المخلد المجاهد المقاوم يحيى السنوار! لتطمئن روحك الطاهرة فدماؤك الزكية يحملها جيل المقاومين المؤمنين الصامدين الثابتين الراسخين الموقنين بنصر الله المبين وإنه لآت بتوفيق رب العالمين.
قبيل الختام أتوسل لروحك الطاهرة أن تنقل سلامَ وشوقَ واحترامَ وتبجيلَ كل عشاق المقاومة إلى سيد شهداء العصر سماحة الشهيد الأمين المؤتمن حسن نصر الله رضوان الله عليكما وعلى جميع الشهداء الأكرمين، وإننا لعلى العهد باقون…
اللهم فاشهد!
رحمك الله وغفر لك وتقبلك يا حبيب فلسطين وأيقونة المقاومين.
(المصدر: سيريا هوم)