ايلي رندان*
على رسلك يا اسحق..
الى اين انت ذاهب..!!
الى بلاد السمن والعسل؟..
لماذا تصمت؟.. أجبني
أم ان سؤالي يثيرك؟..
لا بأس، انا لن اصمت بعد اليوم..
***
اسحق، لماذا يبحث الناس عن السمن والعسل
أليست هاتان المادتان لحفظ حياة الانسان،
وسد رمقه ورمق اطفاله؟..
ولكن عندما يتطلب الحصول عليهما ان
يضحّي المرء بروحه واطفاله..
فإن من يصر على الحصول عليهما هو
أحمق حتى في نظر البسطاء…
بالطبع تستطيع ان تأتي وستجدهم يستقبلونك
أحرّ استقبال،
اذرعاً ممدودة لك،
ينتظرنك عند سلم الطائرة في المطار، ليقدمن لك
باقات الورود…
فأنت بطل، لأنك عدت الى ارض الأجداد..!
وقد تحظى بقبلاتهن الحارة…
مسرحية كبرى ستشاهدها..
وتكون انت – غصباً عنك – أحد ممثليها..
فأنت الذي أتيت لكي تحيي تراث الاجداد..
وتصدق النبوءات القديمة..
انت رجعت الى وطنك بعد الفي عام…!!
رجعت لكي تحيا فيه للأبد، كي تنهل من العسل
ويطيب لأطفالك تناول سمن هذه البلاد..!
هم لن يتركوك تنعم بالراحة والسكينة..
لن يمهلوك كثيراً من الوقت..
ولم يخبروك بالحقيقة..
لم يخبروك بالحقيقة المرة القاتلة..
هم لم يقولوا لك: ان هناك قوماً آخرين..!!
قوماً غيرنا..
يدعون ان السمن والعسل ملكهم وانه
لا حق لنا في تناوله…
لم يقولوا لك أن هناك شعباً آخر
هم قالوا لك ان هناك بعض الرعاع (الفلسطينيين)
الذين بالإمكان معالجتهم.. كما عالج العم سام الهنود الحمر في أميركا…
ويقولون لك لماذا لا نتعلم من تجارب حليفنا الاكبر والاوثق؟
ونستعمل الوسائل نفسها؟
نحن متحضرون صحيح..
لكنه الصراع على الوجود
وكل شيء مباح….
عندما اقترضوا من ميكافيللي منهجه..
بإمكانك ان تفعل ما يحلو لك،
لكنك سرعان ما تصطدم بالحقيقة المرة يا اسحق…
ستعترف بخطيئة حياتك..
وستكتشف انك أسأت لأطفالك…!!
فهؤلاء الرعاع ليسوا الهنود الحمر الذين
يتحدثون عنهم… ؟
هؤلاء الذين بثوا هذه الخزعبلات في ذهنك؛ حقاً هم لم يقولوا لك الحقيقة..
إن هؤلاء الرعاع لهم قدرة كبيرة على تغيير تأثير الأشياء..
فالسمن والعسل اللذان يستخدمان لرفد
الإنسان بالحياة..
حوّله هؤلاء الرعاع الى سم زعاف… تستلذ بطعمه،
لكنك سرعان ما تتحول الى جثة هامدة…!!
***
اسحق، إذا كنت مصمماً على القدوم
رغم نصائحي
إذا ضقت ذرعاً بالحياة في ” كييڤ ” عاصمة اوكرانيا، واردت القدوم لبلاد الفرص الواعدة
فكر.. ملياً ملياً…
***
عليك أن تعي انك تأتي هنا لكي تمتشق سيفك..
الموت يا اسحق مزروع في هذه البلاد…
في شوارعها وفي جبالها وفي هضابها وفي أزقتها،
في الزرقة الداكنة لبحرها وفي هوائها ايضاً…
اسحق، هي كما قالوا قديماً :
” أرض تأكل ساكنيها “
اسحق لا اخفيك..
انني وعلى الرغم من أنني اكفر بكل ما جاء في الكتب القديمة..
فإنني احترم اجدادنا الذين رفضوا دخول هذه الأرض مع نبيهم (موسى) ..
لقد فعلوا الشيء الصحيح، التيه في صحراء سيناء،
والعيش على اوراق الشجر الشاحب..
افضل من ان تموت هكذا…
***
اسحق،
اذا صممت على القدوم على الرغم من نصائحي،
فكل الاحترام.. لكن،
علام التضحية ومن أجل اي شيء الفداء…!!
***
اسحق،
سيفك لن يكون كعصا موسى التي شقت البحر…
ولن يكون احد فينا كالملك داوود..
لا يغرّنك ما يقولون..
المعركة لم تنته بعد..
كل أحاديثهم عن انتصارات خداع..
لكن أي انتصارات تلك التي لم تجعل الفلسطينيين – على ضعفهم – يسلمون بالحقيقة التي نريدها؟
اي انتصارات تلك التي لم تقنعهم بأن يتخلوا عن الايمان بآيات قرآنهم وبوعد الرب لهم بالنصر من جديد…
***
اسحق أخي…
يخيّل لي ان المعركة قد بدأت للتو…
اسحق اخي…
رحمة بأطفالك..
ارجع، ونم..!!
*ترجمة قصيدة للشاعر اليهودي ايلي رندان؛ وهو يقيم في اوكرانيا ومن المع الشعراء اليهود في الوقت الحاضر، وأغزرهم انتاجاً، وقد وجّه هذه القصيدة – الحقيقة المرة – إلى شاب يهودي اسمه “اسحق ” يعيش في أوكرانيا ويفكر بالهجرة الى فلسطين.