السراج… صانع المخابرات… صانع الظلم…!!

بدنا نرجع شوي بالزمن للوراء لأنه انا مقتنع بإستحالة معرفة ما يحدث وسيحدث الا من خلال معرفة ما حدث .. مع شخصية سورية جدلية ..

سوريا فعلاً عاشت ايام من الحرية الحقيقية و الديمقراطية بعد الاستقلال .. و رغم الانقلابات العسكرية ما حصل ولا مرة حل للجيش او مؤسسات الدولة .. كان يحصل الانقلاب وتبقى الامور تاني يوم ماشية ولا كأن شيء حدث ..

تعدد الاحزاب والصحافة والحرية امر لا يجرؤ أحد على التعدي عليه .. رغم منافسة الأحزاب القوميين والشيوعيين و البعثيين في السيطرة على الدولة والجيش .. و كان شخص متل الرئيس شكري القوتلي ينزل على السوق بدون مرافقة فقط معه سائق ويتبضع اغراض بيته والناس تناديله شكري بيك وهو كان يمازح البياعين .. وكان الحرس الجمهوري بوقتها عبارة عن جهاز تشريفاتي مكون من 8 موتورات هارلي دافيدسون يقودهن 8 عناصر بزي انيق وخوذة بيضاء .. وقصر المهاجرين اللي سكنوا في كل رؤساء سوريا كان في إلو بستان مزروع باللوز ( عوجا ) ويتضّمنوا كل سنة شخص من بيت العوا اسمه ابو زهير .. وعوائد الضمان كانت ترجع لصالح ضيافة القصر من مشروبات وخلافه ..

وكان القوتلي بموسم العوجا يطلع من البرندة المُشرفة على البستان وينادي ابو زهير يقلو

يعني اذا ضمناك البستان ما بيطلعنا صحن عوجا

و يرد عليه ابو زهير يقلو تكرم شكري بيك ..

كان في شخصين بالدولة معهن سيارات .. رئيس الجمهورية و وزير الخارجية .. ولما كان شكري بيك طالع للحدود يستقبل الرئيس اللبناني ذات مرة تعطلت سيارته عند الديماس ونزل ليركب بسيارة وزير الخارجية وبعد الزيارة بعت طلب للبرلمان لشراء سيارة جديدة لصالح الرئاسة ولكن البرلمان برئاسة سعد الله الجابري استبدل طلب الشراء بطلب اصلاح و صيانة للسيارة .. كان يحصل الانقلاب ومؤسسات الدولة ما يتغير فيها شي ولا كل حدا يجيب طاقم موظفينه او ولاد منطقته وقرايبينه

وبهداك الزمن انعمل البنك المركزي السوري بالبناء الموجود في حالياً واللي كان مكانه اكبر ثكنة فرنسية ايام الانتداب .. وتم فصل الليرة السورية عن اللبنانية وعن فرنسا بسنة 1951 وبنفس السنة انعملت الدورة الأولى لمعرض دمشق الدولي أكبر معارض الشرق وأهمها وأولها على الاطلاق و انعمل القصر العدلي اللي بعده موجود لليوم .. كل هاد انعمل بوقت قياسي بزمن الرئيس الشيشكلي ..

عام 1955 تم تكليف عبد الحميد السراج مواليد حماه 1925 برئاسة مكتب المخابرات العسكرية ( المكتب التاني ) .. السراج تخرج من الكلية في زمن الانتداب واكمل دوراته في فرنسا و رجع ليلتحق بالجيش .. شخصية قوية و صلبة جداً طباعه حادة

و حضوره مَهيب .. ذكي و تفكيره استراتيجي غير محدود و قادر على التنبأ بالاحداث قبل حصولها ..

ما كان للمكتب التاني دور في الحياة السياسية بسوريا ولا إله اي علاقة بالمدنيبن الى ان استلمه السراج .. و هي اللحظة اللي استلم فيها السراج المخابرات عرفت سوريا شو يعني التصفية الجسدية لمجرد الاختلاف وعرفت معنى الاعتقال التعسفي و التعذيب المؤدي للموت .. وجاء اغتيال العقيد عدنان المالكي نائب رئيس هيئة الاركان والضابط الدمشقي البعثي البارز اثناء حضوره مباراة في الملعب البلدي ( الشيراتون حالياً )

بسنة 1955 ليغير مسار الاحداث والحياة السياسية

( راح نحكي بمنشور خاص عن صراع الاحزاب بهديك الفترة وحادثة اغتيال المالكي بتفاصيلها على يد القوميين وبإيعاز من غسان جديد )

استغل السراج حادثة اغتيال الضابط البعثي الكبير على يد القوميين السوريين .. وهو بالمناسبة لا بعثي ولا قومي ولا كان واضح الانتماء وصار اقرب للبعثيين بعد الانتهاكات اللي ارتكبها بحق القوميين

السراج كان بدو حادثة ليفرض قبضته الامنية وفعل

من الاشخاص اللي اعتقلهن وعذبهن بالحملة كان الشاعر والأديب محمد الماغوط اللي قال :

في السجن تغير كل شيء .. ولم أعد أرى شيء

و بدلاً من ان أرى السماء .. رأيت الحذاء .. حذاء عبد الحميد السراج .. و حينها تغيرت حياتي للأبد ..

اما الحادثة التي لم تعرفها سوريا و المنطقة العربية الا حين فعلها السراج فهي حادثة قتل فرج الله الحلو الأمين العام المساعد للحزب الشيوعي تحت التعذيب وتذويب جثته بحمض الكبريتيك لإخفاء اي دليل على وجوده في أقبية السراج بعد انتفاض السوفييت والشيوعيين على عبد الناصر بعد سجنه

راح بتجاوز مرحلة الوحدة منحكي عنها بمنشور خاص .. و لكن يكفي نقول ان السراج اجبر السوريين على الوحدة .. الضباط ورئيس الجمهورية القوتلي اخدهن السراج ببن الترغيب والترهيب لجهة الوحدة مع مصر .. و لا يمكن تبرير تنازل اي حدا عن منصبه الا من خلال الترهيب والسراج كان بارع بالترهيب .. انقلب الضباط السوريين على الوحدة بقيادة عبد الكريم النحلاوي ب 1961 وتم القاء القبض على السراج و زجه في سجن المزة ..

عبد الناصر بقصة الانفصال أكل كف بقي معلم على وجهه وسمعته وقت طويل .. و لإنقاذ سمعته كان بدو يسترجع زلمته من دمشق عبد الحميد السراج

الرئيس فؤاد شهاب بلبنان كان ميال ل ناصر

و بناءً على طلب ناصر اللبنانيين نفذوا عملية لانقاذ السراج قادها النقيب سامي الخطيب اللي فيما بعد صار وزير داخلية بلبنان .. والعملية تمت من خلال اقناع سجّان السراج واسمه منصور الرواشدة بفتح باب السجن والهروب مع السراج .. تمت العملية وتهريب السراج الى منطقة دير العشاير على الحدود بين سوريا و لبنان ومن بعدها للمطار فالقاهرة ..

و ناصر استقبل السراج استقبال الابطال ..

و لكن هل انتهى دور السراج بخروجه من سوريا

وليش عبد الناصر كان مُصر على وجوده معه ؟؟؟

السراج لعب دور كبير مع جهاز الامن المصري

بعد وصوله للقاهرة .. و الاشخاص المصريين المُطلعين على أداء اجهزة الامن المصرية ب هديك الفترة لاحظوا تغير اداء المخابرات المصرية بعد 1962 عن ما قبلها .. والاسم البارز كان اللواء صلاح نصر واللي حرص عبد الناصر على إبقاءه قريب من السراج .. و حالة القمع والترهيب بهديك الفترة بمصر كانت غير مسبوقة ولم يعرفها المصريين . .

السراج توفي بالقاهرة 2013 والصورة كانت قبل وفاته بوقت قصير ..

حكاية سورية حقيقية من التاريخ القريب المُتصل مع الواقع الموجود اليوم بدون تزييف و بدون رأي شخصي ..

ولكن انا بعرف سلفاً انه جماعة المُشككين و دس السم بالعسل بدهن يقولوا انك تقصدت تحكي عن شخصية من مكون معين لتوصل رسالة معينة ..!!

و هاد صحيح و أكيد و لا أنكره ..

انا تقصدت احكي عن هي الشخصية لحتى قول

انه الظلم مو سُني و لا حموي

والظلم مو علوي و لا لادقاني

و الظلم مو درزي ولا كردي ولا ادلبي ولا حوراني

الظلم هو الظلم .. ما بينتمي لطائفة ولا بينتمي لمحافظة او مدينة او عائلة ..

و اكتر حدا ما لازم يقبل بظلم الناس هو اللي وقع عليه الظلم لأنه داق طعمه .. وما بيتمنى لحدا ..

وانا متأكد انه اللي عم يدعوا لظلم الآخرين بحجة انهن كانوا مظلومين .. هدول بحياتهن ما انظلموا

والناس اللي فعلاً انظلمت .. بدهن العدالة و المُحاسبة ولكن ما بيقبلوا بظلم حدا تحت شعار مظلوميتهن هنن ..