أكد وزير المالية القطري، علي بن أحمد الكواري، أن الموازنة العامة للدولة لعام 2026، تعكس نهجاً متوازناً بين ضبط المصروفات وتعزيز الاستثمارات الاستراتيجية، في ظل توقعات بنمو اقتصادي مستقر وتضخم منخفض.
وأوضح الكواري، خلال مؤتمر صحافي، عقد يوم أمس الأربعاء، في الدوحة، أن الناتج المحلي الإجمالي يتوقع أن ينمو بنسبة 2.9% خلال عام 2026، مدفوعاً بارتفاع أداء القطاع غير النفطي الذي سيحقق نمواً قدره 4.4%، في حين يُتوقع أن يسجل القطاع النفطي نمواً طفيفاً بنسبة 0.1%. كما بلغ النمو في النصف الأول من العام الجاري 3.4%، مدعوماً بزيادة إنتاج الغاز وتحسّن أداء القطاعات المرتبطة بالأنشطة التجارية والنقل والمطاعم.
وأشار إلى أن التضخم ظل في مستويات منخفضة عند 0.7% في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مع توقعات بأن يبلغ نحو 2% خلال السنوات المقبلة، في حين شهد الاقتصاد المحلي أداءً إيجابياً بفضل توسع القطاعات غير النفطية، التي سجلت متوسط نمو بلغ 5.3% متجاوزة الأهداف الاستراتيجية المحددة.
الإيرادات والمصروفات بموازنة قطر
قدّرت الموازنة العامة لعام 2026 إجمالي الإيرادات بنحو 199 مليار ريال (54.6 مليار دولار)، بزيادة قدرها 1% مقارنة بموازنة العام السابق، وذلك استناداً إلى سعر نفط تقديري يبلغ 55 دولاراً للبرميل، في إطار النهج الحذر الذي تتبناه الدولة لضمان الاستدامة المالية والتعامل مع تقلبات الأسواق العالمية، وتبلغ إجمالي المصروفات نحو 220.8 مليار ريال، بارتفاع نسبته 5% مقارنة بعام 2025، مع توقع عجز بـ21.8 مليار ريال سيجري تمويله من خلال أدوات الدين المحلي والخارجي، بحسب تطورات احتياجات التمويل وأسواق الدين.
وأكد الكواري أن الحكومة تواصل الانضباط المالي وتعزيز الاستثمارات الإنتاجية، مع تركيز واضح على زيادة الاحتياطيات وتقييم مستويات الدين العام، الذي يبلغ حالياً نحو 40.6% من الناتج المحلي الإجمالي (ارتفع من 329 مليار ريال في 2024 إلى 339 مليار ريال في 2025) وتشمل الاستراتيجية المالية إعداد خطة طويلة الأمد تمتد لعشرين عاماً، تتضمن سيناريوهات متنوعة للإيرادات النفطية وغير النفطية، بما يضمن مرونة مالية في مواجهة التقلبات المستقبلية.
كما أشار إلى أن المصروفات الجارية شهدت نمطاً جديداً بعد تطبيق قانون الموارد البشرية الجديد، الذي يربط المكافآت بالأداء الوظيفي، وهو ما سينعكس على كفاءة الموازنة التشغيلية العامة، فيما خصصت استثمارات رأسمالية كبرى بقيمة 62.8 مليار ريال، ارتفاعاً من 59.4 مليار ريال في العام الماضي، بهدف دعم المشاريع الاستراتيجية وتحفيز النمو الاقتصادي المستدام، ويبلغ حجم الرواتب والأجور 69.5 مليار ريال، والمصروفات الجارية 81.5 مليار ريال، والمصروفات الثانوية ثابتة عند سبعة مليارات ريال.
أما توزيع مخصصات القطاعات الحيوية فحظي قطاع التعليم بـ21.8 مليار ريال، والصحة بـ88.425.4 مليار ريال. والبلدية والبيئة 22.2 مليار ريال، وخصص مبلغ 4.1 مليارات ريال للشؤون التجارية و2.8 مليار ريال للخدمات الاجتماعية، وحظي قطاع الاتصالات بـ3.8 مليارات ريال، والمواصلات 4.1 مليارات ريال، والرياضة 7.6 مليارات ريال.
وفي قطاع التعليم، تشمل المشاريع الجديدة إنشاء 27 مدرسة وتعزيز البنية التحتية التعليمية. أما في قطاع الصحة، فتتضمن الخطة تطوير عدد من المستشفيات التابعة لمؤسسة حمد الطبية، وتنفيذ مشاريع لتأهيل وصيانة مرافق الرعاية، وفي قطاع البلدية والبيئة، تتضمن المشاريع أعمال تخطيط أراضٍ جديدة، ومشاريع للصرف الصحي، إلى جانب تطوير منشآت رياضية، وعدد من المرافق العامة.
استراتيجية التنمية
وتنسجم الموازنة الجديدة مع الاستراتيجية الوطنية الثالثة للتنمية، التي ترتكز على عدة نتائج رئيسية تشمل: النمو الاقتصادي، الحكومة المتميزة، الاستدامة المالية، جودة الحياة، والمجتمع المتماسك. وجرى تخصيص 32.7 مليار ريال لتمويل مشاريع هذه الاستراتيجية، منها 21 مليار ريال موجهة لدعم مبادرات الجهات المختلفة وتعزيز مساهمة القطاع الخاص.
كما ركّزت الدولة على زيادة المحتوى المحلي في المشاريع الحكومية، عبر تشجيع الشركات الوطنية على توريد المنتجات والخدمات داخلياً، بهدف رفع نسبة المحتوى المحلي بنسبة 10% خلال السنوات المقبلة.
وأشار الكواري إلى مبادرات وزارة المالية، ومنها مراجعة مشاريع البنية التحتية للدولة للخمس سنوات القادمة، من حيث إمكانية تنفيذها من قبل القطاع الخاص، وتحويل المشاريع الملائمة إلى اللجنة المعنية بوزارة التجارة والصناعة، مؤكداً أن الوزارة تستهدف نسبة نمو لا تقل عن 10% سنوياً في قيمة المحتوى المحلي في المشتريات الحكومية، وقد جرى تحقيق نسبة نمو سنوي تتجاوز المستهدف، وانعكس ذلك بأثر اقتصادي وطني بقيمة تسعة مليارات ريال خلال عام 2025.
وأشار إلى أن وزارة المالية عرضت في خطة التعاقدات الحكومية 2026، قرابة 4464 مناقصة لطرحها للقطاع الخاص، وذلك خلال ملتقى خطة المشتريات الحكومية، بقيمة تقديرية تفوق 70 مليار ريال، ويجري العمل على استصدار قائمة إلزامية تضم منتجات وطنية تلتزم الجهات الحكومية بشرائها، تأكيداً لإعطاء الأولوية للمنتجات الوطنية في الشراء الحكومي، ومن المتوقع أن تضم المرحلة الأولى أكثر من ألف منتج وطني، كما أن الوزارة سعت ضمن نطاق الإعفاءات من قيم الوثائق وتقديم التأمين للشركات الصغيرة والمتوسطة بحيث لا يتجاوز إجمالي قيمة الإعفاءات 170 مليون ريال في عام 2026.
وفي رده على أسئلة الصحافيين، أكد وزير المالية أن الضريبة المضافة التي اتخذت ضمن مجلس التعاون الخليجي، ستطبق في الوقت المناسب، (دون تحديد تاريخ محدد)، موضحاً أن نظام التأمين الصحي، سيُطبق على مراحل، الأولى التأمين الشامل للمواطنين، وهذا ما ينتج عنه زيادة بموازنة القطاع الصحي، أما مستقبلاً عند خصخصة القطاع فستنخفض موازنته.
وختم الكواري بالإشارة إلى أن وكالات التصنيف الائتماني رفعت تصنيف قطر إلى AA في عام 2024، ما يعكس قوة الاقتصاد الوطني وثقة المستثمرين العالمية بقدرة قطر على الحفاظ على استقرارها المالي ومرونتها الاقتصادية.















