سامي سماحة
الحبر الأعظم في لبنان. فهل تهلّ بشائر الخير؟ وهل سيحمل سعادته بشائر السلام إلى البلد الذي يعاني من تهاويل الحرب وأهوالها؟
أي رسالة روحيّة يحملها؟ وهل في جعبته رسالة ثقافيّة وسياسيّة تُخفّض من حدة التوتر بين اللبنانيين وتدعو إلى وحدة وطنيّة أساسها وحدتهم في مواجهة الأخطار الداخليّة والخارجيّة التي تهدّد البلد. وهل سعادته يعرف هذه الأخطار؟
قداسته في لبنان، ويصفق له جميع اللبنانيين، فكيف سيصفق لهم؟
الثابت أن البابا سيصلّي من أجل السلام، وسيشدّد على المحبة وأن الناس اخوة في الإنسانية ، وسيقول لهم “أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم”.
ليتك تخبرهم ان المسيح لم يقصد بالأعداء اللصوص الذين طردهم من الهيكل.
ليتك يا قداسة الحبر الأعظم تخبرهم أن محبة لبنان تمرّ بمحبة الآخرين وأن مباركة لبنان تمرّ بمباركة الحفاظ على حياة الآخرين وأن الشماتة ليست من القيم الإنسانية.
ليتك تقول لهم “أحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا”.
لبنان يحتاج إلى المحبة والتسامح، لبنان يحتاج إلى العقل المنفتح والروح الطيبة والنفس المُحبّة كي يصل إلى طريق الخلاص.
ليتك تقول لهم: “إن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال، ولكن ليس لي محبة، فلست شيئاً”.
ربما يتعظون ويتخلّون عن خطاب الكراهية وإلغاء الآخر ويعودون إلى خطاب المحبة الذي يؤسس لحوار العقل ومصلحة لبنان.
نحن نعلم أنك لا تستطيع الحديث عن خطر الكيان على لبنان، ولا تستطيع أن تخبرهم أنهم مهددون بالموت أو الهجرة إذا ما استطاع كيان العدو تحقيق غايته في “إسرائيل الكبرى” ليتك تقول للبطرك أن مصلحة لبنان ليست في مهادنة الكيان ولا في رعاية ومباركة من يدعو إلى التطبيع وإنشاء علاقة حسن جوار معه، لأنه لا أمان له وأن مَن يرعاهم ويباركهم ما هم إلا أدوات ما أن تنتفي الحاجة إليهم حتى يساقوا إلى المقصلة، والشاهد ما حصل في جبل لبنان عند انسحاب العدو، وما حصل للذين فرّوا إلى فلسطين حين تحرّر الجنوب، ليتك تقول للبطرك أن يمتنع عن المواقف السياسية وتطلب منه أن يفعل ما يفعله الحبر الأعظم وان يقتصر خطابه على المحبة والسلام وأن يختم حياته برسالة محبة وطنية بدل أن يختمها برسالة سياسية تؤجّج الخلاف والاختلاف بين اللبنانيين.
كم أتشوق أن أعرف مشاعرك وأنت تسمع أصوات طائرات العدو في بيروت، وماذا ستقول لرئيس الجمهورية حين يصلك “زنانة طائراته” خلال خلوتك معه؟ وهل سيحدّثك فخامته عن انتهاكات العدو اليومية وقتل الناس؟
انتم يا قداسة الحبر الأعظم رئيس دولة الفاتيكان، فكيف لهذه الدولة التي تقوم على المحبة أن لا تنشر المحبة بين أتباعها في لبنان؟ ولماذا لا تصدر هذه الدولة إدانة علنية وواضحة وموقفاً صريحاً من جرائم كيان العدو في فلسطين ولبنان؟
انتم دولة المحبة، ولا يمكن لدولة المحبة أن تصمت عن المجزرة وخطاب الكراهية.
نأمل يا سعادة الحبر الأعظم أن تقول لهم ما قاله السيد المسيح: بيتي بيت صلاة يُدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص”. ليتك تقول لهم أن لا يكونوا أصدقاء اللصوص كي لا يكونوا مثلهم.
ليتك تُخبرهم أن لصوص الهيكل الذين هدموا البيت في فلسطين وارتكبوا المجازر بالأطفال والنساء والرجال والشباب وحوّلوا غزة إلى مدينة مدمّرة ويعملون على تحويل المدن والقرى الفلسطينية إلى أطلال لن يكونوا الفرقة الناجية من مجازرهم.
نطالبك كرئيس لدولة الفاتيكان أن تقول لرعيتك واللبنانيين بشكل عام أن يرفعوا حواجز الكراهية بينهم وأن يلتقوا على كلمة سواء هي كلمة الوحدة الوطنية في مواجهة الأخطار.
الزيارة التاريخيّة تتطلّب موقفاً تاريخياً، والموقف التاريخيّ يتطلّب إدانة بالقول والفعل احتلال الأرض وارتكاب المجازر، الموقف التاريخيّ هو في الخطاب التاريخي الذي يمنع العلاقة بين أصحاب البيت واللصوص.
أملنا أن يكون الفاتيكان دولة حرة مستقلة.
في 30 تشرين الثاني 2025














