شهد منتصف شهر أكتوبر الحالي بدء عملية حصاد 300 ألف فدان من الذرة بالجزيرة، المشروع الزراعي الأضخم في السودان، والذي يوفر الغذاء لنحو 8 ملايين شخص بطريقة مباشرة وغير مباشرة، رغم ظروف الحرب وتدمير أغلب أصوله وآلياته الزراعية الأخرى.
كشف وزير الزراعة السوداني أبوبكر البشرى عن زراعة 17 مليون فدان من الذرة من إجمالي المساحات التي تمت زراعتها في البلاد هذا العام والبالغة 39 مليون فدان. وقال الوزير في تصريحات إن حاجة البلاد من الذرة ما بين 4 و5 ملايين طن، وتوقع إنتاجية عالية من المحصول في الموسم الحالي تصل إلى 10 ملايين طن.
ومن جانبه، توقّع القيادي الزراعي في مشروع الجزيرة والمناقل، الزين علي النعمة يوسف، لـ”العربي الجديد”، تحقيق المشروع إنتاجية غير مسبوقة من الذرة والمحاصيل الأخرى المزروعة في الموسم الصيفي 2024-2025، رغم ظروف الحرب والحصار المفروض على غربي الجزيرة من قبل مليشيا الدعم السريع، والمعاناة الاقتصادية والدمار الذي تعرّض له المزارعون جراء الأمطار التي جرفت 60% من محاصيل العروة الصيفية (القطاف) من قطن وفول وذرة.
وأعلن يوسف عن بدء حصاد الذرة في النصف الأول من أكتوبر الحالي غربي الجزيرة أو امتداد المناقل (ضمن ولاية الجزيرة)، وتوقع إنتاجية للذرة تتراوح ما بين 15 و20 جوالا للفدان. وأشار إلى أن هذه الإنتاجية تغطي أي نقص غذائي.
وشكا من معاناة المزارعين من شح الوقود، والمتوفر منه بأسعار عالية جدا في السوق السوداء تفوق قدرة المزارعين على الشراء، وينذر بارتفاع تكلفة الحصاد والإنتاج. وكشف عن استقرار النشاط الزراعي بغرب الجزيرة والمناقل. ولفت إلى تأهب المزارعين لزراعة محاصيل العروة الشتوية.
وقال: إنهم الآن في انتظار انتهاء فترة جفاف الأراضي التي امتلأت بمياه الأمطار منذ 23 يوليو الماضي.
تخريب زراعة السودان
من جانبها، قالت المحللة المختصة في الشأن الزراعي، رحاب عبدالله آدم، لـ”العربي الجديد”، إن ما تمت زراعته بمشروع الجزيرة والمناقل لا يتعدى 5% من إجمالي المساحة فقط، حسب المعلومات التي تتوفر لديّ، وذلك بسبب الحرب الدائرة الآن في البلاد واحتلال المتمردين لولاية الجزيرة، عدا محلية المناقل، بجانب تخريب وتدمير البنى التحتية للمشروع وسرقة الآليات والمعدات ومدخلات الإنتاج.
ولفتت آدم إلى وجود مساحات تمت زراعتها خارج مناطق سيطرة المليشيا المتمردة، وأكدت تحضير هذه المساحات بشكل جيد وتوفير مدخلات الإنتاج. ورهنت تحقيق إنتاجية عالية في محاصيل العروة الصيفية بالتزام الجهات المختصة بتوفير معينات الحصاد، على رأسها الوقود. وكشفت عن مخاوف المنتجين من دخول المتمردين للمناطق الآمنة قبل بدء عمليات الحصاد، كما فعلت في الموسم المنصرم.
وأشار مدير مشروع الجزيرة والمناقل، إبراهيم مصطفى، في تصريحات سابقة، إلى أن المساحات المزروعة في الموسم الصيفي 2024-2025، بلغت 300 ألف فدان من الذرة، و50 ألف فدان من القطن، و100 ألف فدان من الفول السوداني، و15 ألف فدان من فول الصويا، و50 ألف فدان من الخضروات.
من جانبه، قال المحلل الزراعي عمران الجميعابي، لـ”العربي الجديد”، إن مشروع الجزيرة يمثل العمود الفقري للاقتصاد السوداني من خلال الإنتاجية العالية للمحاصيل النقدية، خاصة القطن الذي شهد في الفترة الماضية إنتاجية عالية للفدان، تصل في المتوسط إلى ما بين 20 و30 قنطاراً للفدان، عطفا على بقية المحاصيل الأخرى كفول الصويا الذي شهد توسعا في المساحات أفقيا وإنتاجية رأسية، إضافة إلى السمسم وزهرة الشمس والفول السوداني.
وأشار إلى تحقيق الأمن الغذائي من خلال الإنتاجية العالية للحبوب الغذائية، خاصة الذرة الذي يزرع في كل عروة صيفية في مساحة تتجاوز 300 ألف فدان، بمتوسط إنتاج 15 جوالا للفدان في المساحات المروية من فقط دون المساحات المطرية الكبرى.
وأوضح الجميعابي تأثير الحرب الكبير على القطاع الزراعي والثروة الحيوانية بالمشروع، وتسببها في خروج مساحات كبيرة منه عن دائرة الإنتاج. ولفت إلى تأثر مكون الري بفعل الحشائش وتدمير المنظمات المائية، وحدوث انتشار كبير للآفات الزراعية مع عدم توفر المبيدات للوقاية والمكافحة.
وقال: هناك عوامل كثيرة وتحديات كبيرة تجابه وتواجه موسم حصاد محاصيل العروة الصيفية التي تمت زراعتها في جزء من مشروع الجزيرة بأقسام المناقل والقرشي، من بينها الذرة. ولفت إلى تقلص المساحات المزروعة في هذا الجزء هذا الموسم مقارنة بالمواسم الماضية بسبب تحدي التمويل والوقود والبذور المحسنة، فضلا عن التكلفة العالية لمدخلات الإنتاج كافة.