ميخائيل عوض*
حملت الايام الاخيرة مؤشرات لتحولات فرط استراتيجية في الحرب ومساراتها فقد بلغت عزيمة وتهور نتنياهو الذروة وبلطج مختالا مفترضا ان الزمن وميزان القوة الكلي للحرب طوع يده. فانتفخ والتهب رأسه وخرج ليقرر الشرق الاوسط ويوزع حدود سيطرته ويحلم بهيمنة اسرائيلية مطلقة.
اوهم نفسه واسرائيل والعقول الصغيرة والمرتهبين وعباد كهنة اسرائيل وامريكا المتداعي بان نتنياهو قادر على لي عنق التاريخ والجغرافية والوقائع والتحولات وفرض اوهامه العقيدية.
الزمن والجغرافية والتحولات والوقائع عادت لتأكيد الحقيقة المطلقة بانها الاقدر على كسر عنق من يعاندها.
اكملت ايران عدتها ومهدت المسرح ونفذ صبرها وضربت بقوة وصلابة وحققت اهداف نوعية بصواريخها واستعرضت صواريخ فرط صوتية.
الضربة غيرت ما قبلها من بناء ذهني للأحداث والتصورات؛
– اسقطت نظرية وفبركات انها باعت او ستبيع او انها خائفة ومرتهبة او منقسمة فتوحدت وضربت وبلغت اهدافها وكشفت هزال حلف نتنياهو للدفاع عن اسرائيل.
– ظهر الموقف الأمريكي مترددا وغير راغب بالانجرار في حرب نتنياهو وجاءت المشاركة قاصرة ورفع عتب- اطلاق عشر صواريخ مضادة. والموقف الاوروبي متجاهلا وكانه غير معني وباستثناء الحكومة الاردنية الكل وقف متفرجا وهكذا ارتسمت حدود القوة والتحالفات والقدرات.
– بددت الضربة نشوة النصر وتوهم القوة والسيطرة وصدمت الجبهة الداخلية واستيقظت على حقيقة القوة والقدرة فالزعم والادعاء شيء والمعطيات الواقعية شيء اخر.
– احتفظت ايران وهددت برد اقوى اذا عادت اسرائيل للتحرش او استهداف ايران وهي تفردت بالضربة عن سبق تصميم وهدف بالرغم من توفر فرصة تنويع وتنسيق الرد مع الجبهات. ربما تركت للضربات التالية.
الرد الايراني توقيتا وشدة وتحقيق اهداف وحصرها بالمطارات والمواقع العسكرية حقق الكثير وغير من الوقائع والمعطيات وقرر ان الزمن تغير وتتغير الاتجاهات ومسارات الحرب وان اليد العليا للمحور وقد قرر استراتيجيات الحرب وتكتيكاتها ومسارحها وجبهاتها وينفذها بهدوء وروية وتبعا للمطلوب تحقيقه.
والحدث النوعي الاخر تجسد في اول اشتباك بري مع حزب الله في العديسة فقد اقرت اسرائيل بتحقيق اصابات في جنودها بمجرد محاولة العبور.
وقدمت الوقائع والعمليات مؤشرات هامة فقد تعرضت الحشود والتجمعات العسكرية الاسرائيلية في جبهة الشمال الى صليات مدفعية وصواريخ حققت اصابات واعاقت بدء الهجوم المزعوم.
فتأكد ان جاهزية الميدان بالرجال والسلاح هي في اعلى الدرجات والتوق للمواجهة والاشتباك من مسافة صفر التي وعد بها السيد نصرالله الشهيد السعيد فقد كرر؛ الليالي والايام والميدان بيننا.
تأكد ان حزب الله والمقاومة استوعبت الضربات القاتلة واعادت هيكلة قوتها وسيطرتها وعادت الى الفعل المنظم والتحكم. ورفعت من التحدي وامطرت تل ابيب والعمق بصواريخها وتزيد وتستعد لرفع منسوب التحدي والاشتباك.
حدثان نوعيان مؤسسان في جولات حرب الوجود والمصير الجارية.
ايران ردت وقررت دخول الحرب اي كانت النتائج والمسارات. وضربت وحققت اهداف نوعية واسقطت الاوهام والترهات وزعم القدرة والقوة الإسرائيلية وتسعى الى تحييد امريكا والاطلسي بحنكه وحكمة ادارة الحروب .
الحرب البرية في اولى محاولاتها الاختبارية صادمة لإسرائيل وجيشها.
نقطة الذروة في استعراض القوة الاسرائيلية والعنتريات تحققت في اغتيال السيد نصرالله والتهويل بالحرب البرية وتوهم تحيد ايران وتفكيك وحدة جبهات المحور.
الاشتباك في عديسة والضربة الايرانية قررت بداية السقوط عن الذروة والنزول عن الشجرة.
الصعود والبناء يكلف وقتا وامكانات كبيرة اما السقوط والانهيار فمتسارع وبلا اكلاف.
زمن العصف والحسم والعبور جار ويتسارع فقد اطال المحور الحرب بصبر وثبات وقدرة على دفع الاثمان وصولا لتشرين وزمن عصف الانتخابات الأمريكية وهو ذاته زمن عصف اسقاط وتبديد وهم القوى الاسرائيلية والامريكية.
القادمات اجمل واثمن وستشهد التحولات المتسارعة وقد تكون ايام الزحف والعبور في حرب الوجود.
قلنا واكدنا ولم نتردد بوصفها؛ حرب تحرير فلسطين كلها مادام نتنياهو اعلنها وقادها كحرب وجود لا مكان لإسرائيل في المنطقة اذا هزمت فيها.
البيئة الاستراتيجية وميزان القوى الكلي مختل نوعيا في غير صالح اسرائيل وحلفها.
الزمن طوع المقاومة والجغرافية تساندها والتحولات دالة عما سيكون
ان ردت إسرائيل على ايران سيكون العصف اعنف والتحولات اسرع والنتائج اثمن.
*محلل سياسي/لبنان