حدد الزعيم الصيني شي جين بينغ مجموعة من المجالات، مثل التمويل والتكنولوجيا، التي يمكن لبلاده استخدامها لتعزيز التعاون مع الدول العربية، ما يؤكد سعي بكين للحصول على نفوذ أكبر في الشرق الأوسط.
في خطاب ألقاه يوم الخميس خلال منتدى التعاون الصيني العربي في بكين، قال شي إن “الصين ستتخذ الدول العربية كشركاء جيدين لجعل علاقاتنا نموذجاً للحفاظ على السلام والاستقرار العالميين”، وأدرج الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الخضراء والتمويل كقطاعات مفتوحة لتحقيق تعاون أكبر.
وتطرق شي أيضاً إلى حرب غزة قائلاً: “لا ينبغي للحرب أن تستمر إلى ما لا نهاية، ولا ينبغي للعدالة أن تغيب إلى الأبد”. وأكد مجدداً دعم الصين لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة وعقد مؤتمر للسلام للمساعدة في إنهاء الحرب مع إسرائيل.
تسارع الاستثمارات الصينية بالمنطقة
كثفت الصين جهودها الدبلوماسية في الشرق الأوسط خلال الأعوام الأخيرة. ففي 2023، توسطت بكين في اتفاق مفاجئ بين المملكة العربية السعودية وإيران، أكبر دولتين متنافستين في العالم الإسلامي، وصمد هذا الوفاق حتى وسط التوترات الناجمة عن حرب غزة، وهناك دلائل على أنه أعقبه تسارع في الاستثمارات بين الصين والشرق الأوسط.
أعلنت مجموعة “لينوفو” (Lenovo Group)، ومقرها بكين، يوم الأربعاء، عن صفقة لبيع سندات قابلة للتحويل بقيمة ملياري دولار لصندوق الثروة السيادية السعودي، وبناء منشآت بحثية وإنتاجية في المملكة، وتجري شركة النفط الحكومية “أرامكو السعودية” محادثات لشراء أسهم بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة بتروكيماويات صينية، فيما تشارك مجموعة صناعة السيارات الصينية “فاو غروب” (FAW Group) في جهود لتصنيع سيارات كهربائية في مصر.
ويقدر محللو بنك “يو بي إس” (UBS) أن العلاقات الصينية المتنامية مع الشرق الأوسط قد تضيف أكثر من 400 مليار دولار إلى التجارة العالمية المرتبطة بالطاقة بحلول 2030.
يشارك في المنتدى رؤساء دول مصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين وتونس. وربما تركز المحادثات على التجارة والاستثمار سريعي النمو، والمخاوف الأمنية الإقليمية وسط الحرب المحتدمة بين إسرائيل وحماس.
بكين تعزز نفوذها السياسي
بينما تدعم إدارة بايدن إسرائيل في هذا الصراع، تدعم الصين وقفاً فورياً لإطلاق النار والاعتراف بدولة فلسطين. ويساعد هذا التحالف مع الدول العربية بكين على تعزيز نفوذها السياسي في البلدان التي كانت حتى وقت قريب تنظر إلى الصين كشريك اقتصادي في المقام الأول، وكسب حلفاء جدد في منافستها العالمية على النفوذ مع الولايات المتحدة.
وألمح شي إلى تلك الحملة الأوسع في خطابه يوم الخميس، قائلاً إن علاقات بلاده مع الدول العربية يمكن أن تكون “نموذجاً لتعزيز الحوكمة العالمية الرشيدة”، كما يرى أن الصين والدول العربية تعملان معاً “لإنجاز مهامهما التاريخية المتمثلة في تجديد النهضة الوطنية والتنمية الوطنية بشكل أسرع”.
وفي تأكيد على سعي الصين نحو علاقات أوثق مع دول الشرق الأوسط، أبلغ شي نظيره المصري عبد الفتاح السيسي أثناء زيارته لبكين أن بلاده مستعدة لتعميق الاستثمار الاقتصادي والتجاري في مصر، حسبما ذكرت وكالة أنباء الصين (شينخوا)، وتعتزم الصين أيضاً تعزيز الاستثمارات الصناعية في مصر في مجالات تشمل تصنيع السيارات الكهربائية والألواح الشمسية.
وتحدث المبعوث الفلسطيني لدى الصين، فريز مهداوي، على هامش المنتدى، ووصف بكين بأنها صديقة لكل دول المنطقة تقريباً، وأضاف: “ليس لديها مشكلة مع أحد، على عكس أصدقائنا الأميركيين لسوء الحظ، يؤسفني قول ذلك، لكن هذا ما يجعل الصين أكثر أهلية للعب دور بناء وإيجابي وغير مثير للجدل”.
علاقات الصين مع دول الخليج
تحصل الصين على أكثر من ثلث احتياجاتها من النفط الخام من أعضاء مجلس التعاون الخليجي الست، وتأتي الحصة الأكبر من السعودية.
ومن حيث إجمالي التجارة، أصبحت الإمارات شريكاً تجارياً أكبر للصين، حتى وإن كان اقتصادها لا يزيد عن نصف حجم الاقتصاد السعودي.
وتلعب الإمارات “دوراً رئيسياً في مبادرة الحزام والطريق”- مشروع بكين العالمي للبنية التحتية- ولديها أكثر من 6600 علامة تجارية صينية مسجلة في البلاد، حسب ما ذكرته “بلومبرغ إنتليجنس” الأسبوع الماضي.
كما حصلت الإمارات على حوالي 12 مليار دولار من الاستثمارات الصينية المباشرة، أي أربعة أضعاف ما حصلت عليه السعودية، وفق البيانات الرسمية الصينية المتاحة حتى نهاية 2022.
اقتصاد الشرق