توفيق شومان*
(محلل سياسي وإعلامي)
الإجراءات التي تقوم بها أجهزة الدولة اللبنانية كان يفترض أن تقوم بها منذ ما قبل هذه الآونة بسنة أو سنوات أو أكثر.
وصلت أحوال المجتمع إلى حد الفلتان.
كل فرد صار له قانونه الخاص.
الاستقواء على الأوادم أصبح شريعة شائعة.
التعدّي على القانون غدا بطولة.
قيادة السيارة باتت انتحارا.
عدم الالتزام بقانون السير تحول إلى رجولة.
الأحاديث الهاتفية خلال قيادة السيارات أو الدراجات النارية، وما ينتج عنها من حوادث سير وصدامات بين السائقين وسقوط قتلى وجرحى، باتت حالة عيش لا تطاق.
كثيرون ممن يسوقون الدراجات النارية لا يعرفون أدباً ولا قانوناً ولا عرفاً ولا أخلاقاً، وهم في حالة جهوزية مطلقة للمخانقة والتعدي على كرامات الناس.
لا يعرف الشخص الآدمي اذا كان يقود سيارته أو ماشياً على قدميه متى يمكن أن تهبط دراجة نارية عليه من السماء أو تشبّ من تحت الأرض. ولا يعرف هذا الشخص من أين تأتيه دراجة نارية من شماله أو يساره أو من كل الجهات، ويا ويله اذا حكى أو شكا.
مصلحة المجتمع فوق مصلحة الأفراد، وأمن المجتمع هو أمن لكل الأفراد.
ربما يتأفف بعض الناس من الإجراءات التي تنفذها أجهزة الدولة، قد يكونون على حق، وقد يكون بعض الناس قد أصابهم ضرر جراء الشدة التي اعتمدتها الدولة بتنفيذ إجراءاتها أو نتيجة تطبيق القانون على أشخاص ما أرادوا مخالفة القوانين.
ولكن عدم انتظام عمل مؤسسات الدولة او اقفالها لفترات زمنية معروفة الأسباب، أفضى إلى عدم استكمال أوراقهم الثبوتية والقانونية، لا شك في أن هؤلاء قد أصابهم ضرر.
مع ذلك، ليس هذا ضرر مطلق وليس ذاك أذى يهدد أمن المجتمع وليس ذلك أو ذاك يمكن مقارنته ولو بقيد أنملة بحالة الفلتان التي شاعت وسادت وبات معها كل فرد مهدد بسرقة أو طلقة، أو صدمة دراجة أو حادث سيارة، أو قدح وذم يهطلان عليه من أشخاص طائشين يتقصدون الخروج عن الأنظمة والقوانين والأعراف والأخلاق.
نعم، قد تخطئ الدولة، ولكن أخطاءها غير مقصودة، وهذه الأخطاء لا تتقصّد الأذى ولا الشر، مثلما يفعل الفلتانون في الواقع الفلتان الذي يعيشه اللبنانيون منذ سنوات.
قديماً قال أرسطو: الدولة هي الخير الأعلى للإنسان.
قديماً قال الفارابي: الدولة هي الفضيلة العليا.
لماذا؟ لأن الدولة تجسّد فكرة التعاون بين البشر ومفهوم انتظامهم ومشروع الحفاظ على أمنهم.
مرة أخيرة: نعم… قد تخطئ الدولة ولكن خطأها ليس شراً.