يولا هاشم
لم يفاجئ مقتل زعيم “فاغنر” يفغيني بريغوجين، في سقوط غامض لطائرة كان يستقلها مع آخرين الكثيرين ممن يتابعون الملف الروسي. فقد اعتبر مستشار الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلنسكي، أن بريغوجين وقع مذكرة إعدامه بيده لحظة توقفه على بعد 200 كلم من موسكو.
وكان قائد قوات فاغنر الروسية أعلن في 24 حزيران الماضي تمرده على القوات الروسية وطالب وزير الدفاع ورئيس الأركان بالاجتماع به وشن عليهما هجوماً قاسياً، وبدأت قواته تزحف نحو موسكو. وفي اليوم نفسه توقف التمرد بوساطة رئيس بيلاروسيا.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في كلمة موجهة إلى الشعب الروسي بعد حالة التمرد المسلح التي أطلقها مؤسس مجموعة “فاغنر”، أن الخونة سيتحملون المسؤولية أمام الدولة، والأجهزة الأمنية تلقت أوامر صارمة بمكافحة الإرهاب وإعادة الوضع إلى طبيعته، مؤكداً أن الرد سيكون قاسياً على التمرد المسلّح. فهل ترجم بوتين تهديداته وما هي أبعاد مقتل بريغوجين وتأثيره على روسيا؟
مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية سامي نادر يؤكد لـ”المركزية” ان بصمات الرئيس بوتين والكرملين واضحة، لأن ما قام به بريغوجين عندما وصل إلى بُعد كيلومترات من العاصمة الروسية كان مثابة تمرّد ونوع من الانتفاضة والانقلاب. لم يتحدّ بريغوجين الجيش والنظام فحسب، لكنه أيضاً لم يوفّر الرئيس بوتين حين تحدّث في أحد التصريحات عن الرجل العجوز. صحيح أنه لم يسمّه بالاسم لكن اموراً كهذه لا تمرّ مرور الكرام في نظام سلطوي كنظام الكرملين، خاصة عندما نرى كيفية تعامله مع المعارضين. وبالتالي امر كهذا لن يمر من دون عقاب”.
ويضيف: “كما أشارت السلطات في اوكرانيا اليوم، فإن مقتل قائد “فاغنر” رسالة موجهة الى كل النخب في روسيا، في موقع القيادة، بألا يحاولوا القيام بما قام به بريغوجين، لأن الرهانات كبيرة من هذا النوع من الانشقاقات في الداخل، خاصة وان استمرار الحرب مكلف لكل الاطراف، وبالتالي فإن الاطراف المتصارعة تحاول ان تُسقِط النظام من الداخل. لذلك، نرى توجساً كبيراً عند أي انشقاق كبير يحصل في الداخل، لأن هذه طبيعة الأنظمة السلطوية من هذا النوع. ولقطع الطريق على أي محاولة تحد او انقلاب او خيانة، ان جاز التعبير، في المستقبل، كان لا بد من إنزال العقاب بمرتكبيه، حتى ان بوتين تأخر في تنفيذه”.
ويتابع نادر: “السؤال اليوم، من سيخلف بريغوجين في قيادة فاغنر. وأحداث النيجر أكبر دليل على ان لفاغنر دورا على المستوى العالمي، فهي أولاً ذراع لنفوذ روسيا الخارجي، وثانياً هي مصدر للأموال والعائدات خاصة في هذه الفترة بالذات. وهذا ما قد يُفسر لما استغرق تنفيذ العملية هذا الوقت. وبالتالي، ما مصير الأموال التي تم تحصيلها، ومن سوف يتولى لاحقاً قيادة فاغنر ويتابع ما تقوم به أكان على المستوى الاستراتيجي او على مستوى نفوذ روسيا في العالم ولكن ايضاً على المستوى المالي”.
ويختم: “أهمية فاغنر تكمن في قيادتها. كان يمكن لبوتين التخلص من بريغوجين من قبل. لكن تنفيذ العملية يبدو استغرق وقتاً، كي يتم تحضير خليفة لبريغوجين. والأيام المقبلة كفيلة بايضاح الصورة”.
(المركزية)