هو جوع أو “فجع” الشهرة الذي لا يقل سوءاً عن جوع السلطة. ففي عصر وسائل التواصل الاجتماعي بتنا نعيش واقعاً بغيضاً بسبب من لا يهمهم سوى حصاد المتابعين أو القليل من المال حتى وإن كان على حساب سمعتهم وكرامتهم.
فوسائل التواصل الاجتماعي تُستخدم وبمعظمها وللأسف بصورة مقززة تفتقد إلى الاحترام والرقى، إذ بات محتوى المتطفلين من منشورات تافهة وساقطة، يسقط كالإنزال على المتصفّحين فيطمسون الكثير من الحقائق الجميلة التي نعيشها.
فهناك وبسبب الشتامين الذين يتبعون مقولة أنا أشتم إذن أنا موجود، ومن خلال وصفهم لحال لبنان بأسوأ مما هو عليه بأضعاف منعوا البعض من زيارته وما أحوجنا اليوم لزيارة أهلنا من باقي الدول، ولأهلنا السياح نقول إن المغرضين لا يعكسون الصورة الصحيحة للبنان، فرغم الأزمات لا يزال لبناننا الحبيب أرضاً للسياحة والحضارة والجمال والضيافة…
وللأسف فلم تعُد الكرامة تجدي شيئاً. المهم هو الوصول للمنصب أو الشهرة في عالم تضاعفت فيه مفاهيم التفاهة حتى أصبح مبتذلاً بين الجوعين: جوع السلطة وجوع الشهرة.
فجوع الشهرة هو عملية تعويض لفقدان المعنى في الحياة من فراغ روحي ومعنوي، فهناك من يُسَوِّق لنفسه بإظهار الرخيص منها، يطرح دعايات مضللة ويدعو إلى ترهات سافلة بغيضة تكاد أن تقتل العقول. ويُخفى على البعض أن الصعود إلى منصة الشهرة يتطلب العمل على خدمة الإنسانية وإرساء القيم والأخلاق السامية التي ستشكل عقول أطفالنا ومستقبلهم… وهنا يأتي دور الإعلام والمثقفين في المجتمع كي يكونوا قدوة ومثالاً يرسلون الرسائل التي تخدم الإنسانية وتكون منارة للأجيال التي تعيش حرب التخبط الرقميّ.
الشهرة سهلة جداً فثمة لصوص وقتلة مشاهير، لكن حين تكون الشهرة وسيلة لأمرٍ سويّ تختلف المسألة، ويقول تبارك اسمه في سورة الرعد “فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ”. ونقول جاهدوا واعملوا لما يمكث في الأرض وينفع أهلها.
التكنولوجيا الذكية وللأسف زادت البعض غباءً، وجوع الشهرة كارثة حقيقية لما يرافقها من ابتذال غير أخلاقي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فالجوع ينتج عن عدم تناول المرء للطعام فيصاب بالجوع أما “الفجع” فهو صفة سلبية تلاصق البعض، كشارب المالح من الماء كلما شرب منه ازداد عطشاً، يلهث وراء الشهرة والأضواء بشهوة جنونية على حساب سمعته وكرامته، فيصبح الضحية والجلاد في آن، فجوع الشهرة من غير مضمون ككرة الثلج تبدأ صغيرة فتكبر وتكبر الى أن تسطع عليها أشعة الشمس فتذيبها.
الى أن تذيب الشمس بأشعتها كرات الثلج الملوثة نقول: حمى الله ضحايا متصفحي وسائل التواصل الاجتماعي من زواريب المتطفّلين من مَن يسمون أنفسهم مؤثرين.