د. مردخاي كيدار
ترددت كثيراً في نشر المعلومات التي تتضمنها هذه المقالة، بسبب الذعر الذي قد تسبّبه في إسرائيل. ومع ذلك، في بيئة الشرق الأوسط، وخاصة في العراق، الأشياء معروفة، وتكون موضوع نقاش مفتوح بين قلة قليلة، وبالتالي من المستحيل ألا يكون الجمهور في إسرائيل على علم بها، لا سيما أن هذه الأمور تهمه ولها علاقة بأمنه ووجوده، أكثر بكثير مما يهم مواطني العراق، إضافة إلى أن الأمور تظهر من حين لآخر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، لذلك قرّرت أن أثير الأمور هنا.
حسب مصدر، عرفته منذ سنوات، وهو مغترب من الشرق الأوسط، مؤيد لإسرائيل يعيش في أوروبا وعلى اتصال مستمر بأشخاص في إيران والعراق، نقل لي تقييمهم، بأن إيران تخطط لإطلاق هجوم مشترك على إسرائيل في المستقبل المنظور ستشارك فيه قوات جميع الجهات الموجودة تحت تصرفها في الدول العربية:
في لبنان – حزب الله وحماس سيقومان بإطلاق آلاف الصواريخ والطائرات بدون طيار، بعضها دقيق.
في سورية: 17 وحدة قتالية “ميليشيا” مسلحة جاهزة تضمّ الفاطميون، والزينبيون، والنجباء، وحزب الله، وكتيبة أبو الفضل، وعصائب أهل الحق، ولواء الخرساني، وأكثر من ذلك. نقلت إيران إلى سورية عدداً كبيراً جداً من الصواريخ والطائرات بدون طيار وهي جاهزة للإطلاق.
في العراق: عشرات الميليشيات المسلحة بالصواريخ والطائرات بدون طيار.
في اليمن: الحوثيون الذين يمتلكون صواريخ وطائرات بدون طيار بعيدة المدى تصل إلى إسرائيل.
في غزة: حماس والجهاد الإسلامي مع صواريخ قادرة على تعطيل قواعد الجيش الإسرائيلي والقوات الجوية.
ومن المرجّح أن إيران لن ترسل أي شيء من أراضيها إلى إسرائيل حتى لا تعرّض نفسها للانتقام.
تحت ذريعة واجب العالم الإسلامي في إنقاذ المسجد الأقصى من الاحتلال والقمع الإسرائيليين، ستشن إيران هجوماً منظماً وشاملاً ومتكاملاً ومنسقاً على إسرائيل. ستكون المرحلة الأولى عبارة عن وابل من الصواريخ والطائرات بدون طيار من جميع الساحات المذكورة أعلاه معاً، والتقدير الإيراني هو أن مخزون صواريخ “القبة الحديدية” سينفد خلال ساعتين إلى ثلاث ساعات من بدء الهجوم الجوي، وبعد ذلك تنفتح سماء اسرائيل ويتضرّر سلاح الجو ويتوقف عن العمل.
ستكون المرحلة الأولى، الجوية، مصحوبة بهجوم إلكتروني على أنظمة البنية التحتية الإسرائيلية. وبعد يوم كامل من الهجوم السيبراني وأمطار الصواريخ والطائرات بدون طيار التي ستضرب قواعد القوات الجوية والقواعد البحرية وقواعد الجيش والكهرباء والحوسبة والاتصالات والبنية التحتية للطرق والمياه..
ستبدأ المرحلة الثانية: هجوم برّي منسق من لبنان وسورية وغزة بواسطة المشاة وقوات تستخدم الدراجات والمركبات ذات الدفع الرباعي المزوّدة بأسلحة مضادة للدبابات، ستعبر هذه القوات الحواجز وتهاجم القوات البرية الإسرائيلية للوصول إلى المستوطنات اليهودية في أسرع وقت ممكن.
ويحسب الإيرانيون أن تعبئة قوات الاحتياطي الاسرائيلية ستستغرق عدة أيام، وستكون جزئية على الأرجح، بسبب الفوضى التي ستنشأ في جميع أنحاء اسرائيل، بحيث لن تصل تعزيزات الجيش الإسرائيلي في الوقت المناسب إلى الجبهات المختلفة، وبالتالي ستنهار القوات النظامية في غضون ساعات في مواجهة الهجوم البري كما حدث في قناة السويس والجولان خلال حرب “يوم الغفران”، وسيركز اجتياح القوات البرية من سورية ولبنان وغزة على المستوطنات الإسرائيلية بهدف إضعاف معنويات الجمهور الإسرائيلي وإجبار الحكومة على الاستسلام من أجل إنقاذ أرواح العديد من الإسرائيليين الذين ستأسرهم المليشيات العربية والإيرانية، فيما ستزيد وسائل الإعلام الإسرائيلية وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي من حالة الذعر بين الجمهور الإسرائيلي.
ليس من الواضح ما هو الدور الذي ينسبه الإيرانيون للفلسطينيين في الحرب. ومع ذلك، من المرجح أن تدفع حماس والسلطة الفلسطينية كل ما في وسعهما لإلحاق الأذى بالإسرائيليين والجيش والشرطة والمدنيين الذين يتحرّكون على الطرق، بالإضافة إلى الهجمات على المستوطنات والقواعد العسكرية.
كما يتوقع الإيرانيون من العرب في الجليل والنقب القيام بأعمال ضد الجيش الإسرائيلي والدولة مثل إغلاق الطرق وإلحاق الضرر بالجسور وسكب النفط على الطرق وإغلاق التقاطعات وإتلاف خطوط التوتر العالي ومهاجمة المستوطنات اليهودية. ومثل هذه العمليات ستلحق ضرراً كبيراً بإسرائيل وقدرتها على الصمود أمام الهجوم البري، ومن ناحية أخرى ستكلف من ينفذون هذه العمليات ثمناً زهيداً.
الغطاء الدولي:
ستدعو روسيا والصين، حليفتا إيران، كلا الجانبين إلى وقف العنف، وستدعمان إيران بشكل شبه علني وتزودانها بمعلومات عما يحدث في إسرائيل. كذلك، ستنضم تركيا إلى الدعوة لوقف الأعمال العنيفة لكنها ستدعم إيران ضمنياً. وفي العالم العربي والإسلامي، ستخرج حشود في مظاهرات دعم لإيران وما تقوم به للقضاء على الكيان الصهيوني، على غرار الدعم الذي قدّمته الجماهير لـ حسن نصر الله في حرب لبنان الثانية عام 2006. لكن هذه المرة، وعلى عكس ما حدث في 2006، لن تتخذ السعودية موقفاً سلبياً تجاه الهجوم على إسرائيل.
لن تتدخل الحكومات الأميركية والأوروبية عسكرياً، بل ستكتفي بالكلام، لأنه لا أحد في الغرب يبحث عن ساحة قتال أخرى غير الحلبة الأوكرانية، التي تفرغ مستودعات ذخيرة الناتو وتجفف رغبة قادته بالتدخل في حروب ليست حربهم. سيرى البعض في الهجوم الإيراني فرصة للتخلص من “الصداع” الذي كانت اسرائيل سببه منذ سنوات، وقد تعززت هذه النظرة في الاشهر الاخيرة بعد الفوضى الداخلية في اسرائيل، التي ظهرت في صورة دولة متنازعة وفوضوية مع قوة مدنية مستنفدة فقدت كل الإرادة للتعبئة والقتال، ومن ناحية أخرى، مع حكومة بلا اتجاه وغير مسؤولة وغير قابلة للحكم وعاجزة ولا يمكنها التعامل بشكل مناسب حتى مع إغلاق الطرق.
من وجهة نظر الغرب، فإن خسارة إسرائيل ليست حدثا مروعا، لأن الشرق الأوسط أدار ظهره للغرب، عندما قررت المملكة العربية السعودية وشركاؤها الخليجيون – دول أهم بكثير من إسرائيل – أن يديروا ظهرهم لتحالف الغربي الضعيف، والانضمام إلى التحالف الشرقي القوي والمتنامي الذي يضم روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا وغيرها.
الحكومة الإيرانية معجبة جدا برغبة الأميركيين بشكل خاص والغرب بشكل عام، في إرضاء إيران ورفع العقوبات عنها وقبولها كعضو محترم في الأسرة الدولية. بينما تتجاهل بشكل واضح التوجّه الإيراني نحو القنبلة. هذا السلوك الغربي يغرس في نفوس صنّاع القرار في إيران الشعور بأن لا أحد في الغرب سيفعل أي شيء أو نصف شي، على المستوى العسكري العملي لوقف هجوم جوي وبري على إسرائيل مثل الذي تم وصفه أعلاه.
هدف القوات الأميركية الموجودة في شرق سورية هو حماية المصالح الأميركية، وليس المصالح الإسرائيلية، وقد أثبتت إيران عدة مرات أنه ليس لديها مشكلة في مهاجمة هذه القوات بالصواريخ والطائرات بدون طيار. وتعرف الإدارة الأميركية الموقف السلبي للأغلبية الليبرالية في أوساط يهود أميركا تجاه إسرائيل، وخاصة في الأشهر الأخيرة، وبالتالي فهي لا تخشى أنها ستدفع ثمناً شعبياً وسياسياً باهظاً إذا تركت إسرائيل تتعامل بمفردها مع الغزو الإيراني. وكل ما في الأمر ان الرئيس بايدن سيعلن أمام الكاميرات أن “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها”، لكنه سيحاول عدم اتخاذ أي خطوات حقيقية.
الهجوم المنسق بصاروخ وطائرة بدون طيار ليس نظرية، فقد فعلت إيران بالفعل مثل هذا الشيء للمملكة العربية السعودية في 14 سبتمبر 2019، وربما كان هذا هو السبب وراء قيام السعودية بتجنب الانضمام إلى “اتفاقات أبراهام” والعامل الذي دفعها مع أطراف أخرى، للتخلي عن التفاهمات التي كانت قائمة مع إسرائيل والانضمام إلى المعسكر الإيراني. هذا لأن الولايات المتحدة تحت رئاسة ترامب، وأوروبا ـ لم تفعلا شيئاً ضد إيران بعد الهجوم في 2019، ولذلك من المؤكد أنهم لن يفعلوا شيئاً اليوم عندما يكون بايدن هو الرئيس.
لا أعرف مدى واقعية هذا السيناريو – هجوم جوي وبري على إسرائيل – ولكن حتى لو كانت فرصة حدوثه في المستقبل المنظور واحداً في المئة فقط، يجب على إسرائيل أن تتصرف كهيئة واحدة. ومن المهم جداً أن يعمل التحالف مع المعارضة، من أجل تهيئة البلاد لهذا السيناريو من حيث الجيش بكافة أسلحته وقواته وقواعده، والشرطة، بما في ذلك الحرس الوطني، والبنية التحتية الكهربائية، والاتصالات والنقل، والسايبر الدفاعية والهجومية، وإدارة الطوارئ، إمدادات الغذاء والمياه.
إذا كان الجمهور الإسرائيلي يريد أن يعيش، فعليه الاستعداد – عقلياً ومادياً – للحرب مع الأخطبوط الإيراني الذي نجح في فرض قبضته على الدول الفاشلة المجاورة لإسرائيل: لبنان وسورية والعراق واليمن وغزة، وجميع الدول التي ليس لديها ما تخسره.
المصدر: موقع ماكوؤ ريشون
من اعلام العدو
ترجمة : غسان محمد