هاني سليمان الحلبي*
“إعلاميون ضد قانون قيصر لكسر الحصار عن سورية”. عنوان ثلاثيّ وأقوى ما فيه وسطه المتطرف “ضد”. الذي ربط بين قطبيه صاحب الدعوة وموضوع الدعوة.
وما يُعزّي، ولو بأدنى درجات العزاء أن ينشط إعلاميو لبنان، عبر اللقاء الإعلامي الوطني، ليتولوا المهمة الطبيعية الأولى والمسؤولية الجوهرية كمواطنين أولا وكإعلاميين ثانياً.
وليست هذه الفعالية هي الفعالية الأولى التي دعا إليها اللقاء الإعلامي الوطني، باسم الجسم الإعلامي اللبناني، بل سبقتها فعاليات منها الوقفة الوطنية في الناقورة لدعم المفاوض اللبناني الرسميّ في ما يُسمّى مفاوضات ما يُسمى “الحدود” جنوباً.
ولكن أن يحرّكَ الدعوةَ زلزالٌ، سيبقى لوقت طويل جدا تحت مجهر التحقيق والتقصّي والبحث، علمياً وأمنياً وسياسياً واجتماعياً، وستطول آثاره بضعة ملايين في الشمال السوري، المحرر منه والمحتل، إن كان سببه، كما قد يقول المتديّنون إنه إرادة ربانية، او كما يقول علماء ومحللون إنه إرادة صهيونية لم تبشر هذه البلاد إلا بالعبودية والفناء في ما أسمته نصوصاً توراتية أو تلمودية أو بروتوكولات ما يسمّى حكماء صهيون. وإن صح الاحتمال الثاني أن غاز الكيميريل أصبح من أسلحة الدمار الشامل السرية قيد التفعيل، عبر مجموعة تسلا الأميركية، التي أسسها العالم السوفياتي سابقا نيقولا تسلا، بعد انتقاله إلى الولايات المتحدة الأميركية إثر انهيار الاتحاد السوفياتي، ولم تنتظر الأجهزة الأميركية الإسرائيلية المختصة إلى العام 2025 لتعتمده رسمياً في حرب ضروس، كما سرّبت سابقاً، فتكون اختارت زلزالاً معركة بين حروب زلزاليّة مقبلة. والاحتمال الثالث أن يكون الزلزال حلقة في سياق العدوان التركي الطوراني منذ 500 عام ونيّف؛ فأكثر من 2000 سد وبحيرة، أنشأتها تركيا على الأنهار السورية المحتلة النابعة من قمم طوروس والتي تصبّ في البحر المتوسط الغربي أو في الخليج العربي – الفارسي. وربما يخلص التحقيق، إن كان شفافا وإن كان هناك من قرّر إطلاقه ليكشف الحقيقة بذاتها، فيصل إلى خلاصة مزيج من احتمالات عدة تشابكت وتقاطعت لتهدينا الكارثة الزالزالية.
الكارثة حصلت.. والتحقيق يجب أن تفرضه حقيقة إرادة شعبية ودولية، وقوة وحدة القلوب والسواعد والأدمغة والخطط والاستراتيجيات بواقع ما بعد دافع حسن الجوار الكياني والجهوي وردة الفعل الطبيعية الخيرة.. إلى خطة ماذا بعد من هنا؟
ليس مقبولاً بقاء الوسط الإعلامي ضارباً جلّه في خيام جهله البدويّة، بذريعة أنه مرآة فيتنازل عن دور المنارة بالإنارة والقيادة والإلهام، حيث تتزاحم مئات القنوات والمحطات والصحف والمجلات والمواقع وغالبية ما فيها زحير فتنة وثقاب حرب شعواء يُديرها المال وأجهزة الأمن المحلية والإقليمية والدولية، الصديقة والمعادية على السواء. فيتم تفريغ غالبية الإعلام من رسالته وتسويف جهود أهله الحقيقيين، من دور الرسالة إلى دور البوق.
هل يتحرّك الإعلاميون بوحي رسالتهم، نحو أصحاب القوى والنفوذ والقرار في لبنان أولاً، ليمسك لبنان بروحه المبادرة ورساليّته ككيان تنوير للفكر الحر وإرادة توحيد البلاد والعباد في الإقليم المستهدَف سنداً إلى المبدأ الشرعي “تعالوا إلى كلمة سواء” تعلو على السياسة ولا سقف لها سوى رسالة الإخاء القومي، التي تجلّت بأبهى صورة بالموقف اللبناني الرسمي والشعبي على السواء بعدما كدنا نتوهّم أن هذه الروح قد تم وأدها في رمال الانقسام العربي والدولي فنضيع تحت كثبانه، كما كادت تضيع كيليكيا وأقاليم الشمال السورية تحت الجزمة التركية الرافعة لواء الإسلام، وكادت تضيع فلسطين تحت حراب العدو المغتصب لولا دماء فتية الضفة والقدس الذين بمسدساتهم العتيقة وسكاكين بيوتهم ينقذون شرف الأمة وحيدين؟
تحرّك “إعلاميون ضد قيصر لكسر الحصار ضد سورية” اليوم الجمعة الساعة 4 عصرا في بيروت، خطوة في الاتجاه الصحيح واستعادة إعلاميي لبنان وقاماته لروح المبادرة التي كانت تلهم العرب أبهى ما يفعلون وتحرّك الميادين والساحات في العواصم العربية كافة ومدن العالم..
عودوا إلى زمن البهاء والريادة.. هذا دوركم وما تستحقون!
*كاتب وإعلامي وباحث ومدرب من لبنان وناشر منصة حرمون.