يحيى دايخ*
في لحظة وطنية تقتضي توحيد الجهود خلف الأولويات السيادية، أي وقف العدوان الإسرائيلي وانسحاب العدو من الأراضي اللبنانية المحتلة وتحرير أسرى لبنان المهملين من الدولة اللبنانية. يخرج رئيس الحكومة نواف سلام بتصريحات تُحاكي خطابًا دوليًا مفروضًا لا يحمل أي أفق سيادي واقعي، بل يُشتمّ منه تماهٍ صريح مع سردية العدو الإسرائيلي.
فعوضًا عن المطالبة الحازمة بانسحاب الاحتلال من النقاط المحتلة، ووقف استهداف المدنيين، وتدمير القرى، وتفخيخ المنازل، وإعاقة عودة الجيش والإدارات إلى جنوب الليطاني، يضع نواف سلام “الانتقال شمالاً” نحو نزع سلاح المقاومة كأولوية، في تجاهل صارخ لبوصلة الصراع الأساسية: العدو لا يزال داخل الأرض اللبنانية، والعدوان مستمر.
بالتالي، في مضمون تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام التي يُسقطها على السياق الوطني والواقع الجغرافي-السياسي للبنان:
*أولاً . تنازلات بلا مقابل… ومخطط لعزل الجنوب*
سلام لا يقدّم مشروع دولة، بل مشروع منطقة عازلة موسّعة تبدأ من جنوب الليطاني وتنتهي شماله، تمامًا كما يريد الإحتلال “الإسرائيلي”، في إطار “حصر السلاح” كمرحلة أولى وثانية، وكأن الأرض خالية من الاحتلال أو العدوان. هذا الخطاب المستمر هو تعبير عن رؤية وظيفية للدولة ولرئيس الحكومة اللبنانية، لا سيادية، تسعى إلى تلبية الطلبات الأميركية–الإسرائيلية دون مقابل.
*ثانيا. الخطورة في هذا الطرح مزدوجة:*
1. استكمال عزل الجنوب من خلال “إخلائه” سياسيًا وعسكريًا وإنمائياً بحجة بسط سلطة الدولة، بينما الدولة نفسها عاجزة أو ممتنعة عن ردع العدوان.
– 2. استهداف المقاومة بلسان لبناني رسمي، باعتبارها العقبة الأخيرة أمام تكريس الهيمنة الصهيونية–الأميركية.
*ثالثاً. وعود نواف سلام الزائفة*
فمنذ تولّيه رئاسة الحكومة وعد نواف سلام بالدبلوماسية للتحرير، بالإنقاذ الاقتصادي، وبحماية الاستقرار، وإعادة الإعمار، وتحرير الأسرى. ولكن حصيلة هذه “الوعود” كانت:
– مواقف رمادية تجاه قتل المدنيين، وتدمير القرى، وتحييد أي عامل إنمائي خدماتي يعيد أهالي البلدات والقرى الجنوبية الى أرضهم بكرامة.
– سكوت رسمي عن انتهاك السيادة.
– دخول مندوب مدني إلى آلية دولية قبل وقف إطلاق النار.
– وأخيرًا، طرح خريطة طريق لتجريد المقاومة من سلاحها في ظل عدوان مفتوح.
*بالخلاصة*
إن تصريحات نواف سلام ومنذ وصوله للرئاسة لا تعبّر عن سياسة سيادية، بل عن انخراط في المشروع الأميركي–الإسرائيلي الساعي لإنشاء “لبنان منزوع السيادة” قبل السلاح، و”لبنان المنفصل عن قضيته الوطنية” قبل أن يكون منزوعًا من سلاحه المقاوم.
بالتالي، هذه المواقف لا تصنع سلامًا، بل تستكمل العدوان بوسائل ناعمة. والردّ الحقيقي يكون بالثبات على الثوابت الوطنية: لا نزع سلاح المقاومة قبل انسحاب الاحتلال، لا تفكيك مقاومة قبل وقف العدوان، ولا تسوية على حساب الدماء والكرامة والسيادة.
وأهالي الجنوب والبقاع، هم أهل الأرض وأصحابها، عبروا عن مواقفهم الصريحة وإجتماعهم حول المقاومة، يطالبون الدولة والحكومة بالحماية والكرامة أولاً، وإعادة الإعمار والإنماء ثانياً، وعودة أبنائهم الأسرى ثالثاً، لقاء ما دفعوه من تضحيات ودماء فداءً لكرامة الوطن وعزته وسيادة قراره، لا لتنازلات وهبات مجانية تعطى للعدو دون مقابل.
*كاتب ومحلل سياسي


















