فادية الجرماني*
تحضرني يا أبي
في ميلادي الثالث والأربعين
يوشوشني قلبك
برفيف النحل والحنين
يضيء لي روحي الكسيرة
بغيابك
وتعاتبني…
وتعاتبني..
أني منذ تسعةَ عشرَ شهراً
لم أزرك
لم أمسح جبهتك
لم أمسح وجنتيك
لم أقبل يديك
وأنا ضعيفة في عتابك
***
ماذا أقول لك يا أبي؟
كيف كنتُ؟
وكيف أصبحتُ؟
كم كان همّك أن أكون يوماً سعيدة
أن أكون مرتاحةً في حياتي
كم تمنيتَ
أن أكون بمستوى يليق بي
أن أكون بمستوى يليق باسمك
كم تمنيتَ
كم تمنيتَ أن أكون سيدة نفسي
وأن يكون القرار قراري
والاختيار اختياري
فلا يتم إجباري
على ما لا أطيق
وأنا بحكمتك وبهَدي العليّ في عتمة الطريق
كم دعوتَ لي في أنفاسك الأخيرة
أنفاسك التي كنتَ تودّعنا بها
أنا أنجوَ من الهمّ والحزن
أن أعلوَ على الكبت والألم
والله استجاب دعاءَك قبل الأربعين
واختار لي قدراً جميلاً
يطوف فيه الخير والحبّ والدفء
ولا أكون على أي أحد عبء
واختار لي الله بفضل دعائك
أن أكون عروساً تفخرُ بها
أن أكون شريكة لملاك يليق بي
وأليق به
فتحقق حلمي وحلمك
كما تمنيناه معاً
لن أنسى ما قلته لي يا أبي
في لياليك الأخيرة
حينها لم تتوقف قبل انبلاج الفجر
لينبلج الفجر
كم وضعتُ يدي في يدك
أمسكتُ بها
مشينا معاً لأكون عكازك الأخيرة
تستند إليها
وأنت كل عمرك عمودُنا الفقري
كم كانت أحاديثنا دافئة وحانية
وكم شكوتُ لك
وكم نصحتني ما أفعل لأكون قرّة عينك
كل ما أردته يا أبي لي
حققتُه لك ولي
أنا متأكدة أنك حيث أنتُ راضٍ عليّ
تبتسم لي
وتمد يدك إلى جبيني
يشع نور سماويّ منك
لتباركني وتدعو لي بما يحب قلبك
وتقول: مباركة يا ابنتي..
أحبك يا فاديتي، بُنيتي الحبيبة.
*تحية إلى قلب أبي المرحوم الشيخ رياض عبدالله الجرماني فجر الأربعاء 10 كانون الأول 2025، الساعة 12,15 دقيقة.














