** تعلّمت من تجربتي أن الصبر والمثابرة هما الأهم مهما كان الطريق صعباً فالإرادة تصنع الفرق.
**كلما تقدم العلم وطرأت تعقيدات تقنية، زادت حاجتنا للفن ليعيد التوازن الروحي والإنساني. الفن هو الشريك الروحي للعلوم.
**لنستخدم الفن كأداة قوية لتغيير الصورة النمطية، والاحتفاء بـ مكانة المرأة كـ “قيمة وقامة” تساهم في جميع المجالات.
**نعمة إذا استُخدمت للتعلم والتواصل الإيجابي، لكنها قد تتحول إلى نقمة إذا استُخدمت بشكل سلبي أو أضرت بالعلاقات والقيم الإنسانية.
**لا أكون راضية عن أي تعامل يقلل من مكانة المرأة أو يقيد حريتها. أحب أن يُعامل الرجل المرأة بـ الاحترام والتقدير والمساواة، وأن يُنظر إليها كشريك متساوٍ قادر على الإبداع والعطاء
**كما شاركت في عدة جداريات ومهرجانات فنية مهمة، وفخورة بحصولي على الإقامة الذهبية والفوز بالمراكز الأولى، إضافة إلى تكريمات وشهادات تقدير من مؤسسات عدة.
لطيفة كياسمينة في حقول أم الزيتون، صلبة كجبل بازلت في السويداء، قوية كروح ثائرة باللون والحب والوعي، ملهمة بما اكتنزت من ثقافة وخبرة وبلورت اتجاهاً ورؤيا، ترى الفن رسالة والفنان رسولاً يحمل أتباع مهمته الجليلة كالأنبياء، وتداعياتها بما له وبما عليه، وما همه ما يجنيه فإن ذاك من شأن الحقيقة، كما قال نيتشه، عنوانها في برزخ بين الفلسفة والفن، تكاد بهما تمسك بوصلة الجهات التي توصل كل مريد إلى أعلى القمم وأبهاها، ولكن لا قمة للوصول، فكلما صعدنا قمة تراءت لنا قمم أخرى وأعلى جديرون ببلوغها، كما يقول أنطون سعاده..
إنها الدكتورة الفنانة السورية صفاء شنّان في حوار عميق لـ”منصة حرمون” مضمخ بالمعنى واللون، بهاء في بهاء، بها الحوار مع الضيفة القيّمة والمحاورة الزميلة فادية الجرماني، إلى بهاء إطلالة حرمون المستعادة، مع مطلع العام السابع عشر من عمره المديد بدعم محبيه ومتابعيه الأوفياء.
حوار جديد بالقراءة والقطف..
إعداد وحوار فادية رياض الجرماني
- حدّثينا بتعريف موجز ومختصر عن نفسك؟
أنا صفاء شنّان، فنانة تشكيلية سورية حاصلة على دكتوراه في الفنون التشكيلية الإسبانية، بالإضافة إلى دبلوم في الفنون والرسم. أتنفس الفن منذ بداياتي، وأراه وسيلتي للتعبير عن الجمال الإنساني والروحي في آنٍ واحد. أمتلك خبرة واسعة في المجال الفني، خصوصاً في تنفيذ الجداريات والمشاريع الفنية الكبرى التي تجمع بين الحس الأكاديمي والإبداع العملي. أؤمن بأن الفن رسالة، وأن اللوحة ليست خليط ألوان فقط، بل حوار صامت بين الروح والعين.
- كيف كانت النشأة وأين؟
وُلدت في دولة الكويت، ثم انتقلت للدراسة في وطني سوريا حيث حصلت على الأساس الأكاديمي المتين في الفنون. بعد ذلك، بدأت مسيرتي الحياتية والمهنية في بلدي الثاني، دولة الإمارات العربية المتحدة بعد زواجي، وهي البيئة التي احتضنتني وأكملت فيها مسيرتي.
- ما هي أبرز هواياتك وما يميز شخصيتك وأسلوبك في الحياة؟
أبرز هواياتي هي القراءة العميقة في الفلسفة وعلم الجمال، إضافة إلى العمل التطوعي الذي أعتبره جزءاً لا يتجزأ من رسالة الفنان. أنا عضوة فعّالة في فرق تطوعية مهمة. ما يُميز شخصيتي هو قدرتي على دمج الإبداع الفني بالمسؤولية المجتمعية؛ فالفن بالنسبة لي هو أداة لخدمة المجتمع ونشر الوعي بالقضايا الإنسانية والبيئية.
- ما أبرز ما تتذكرينه من مواقف حفزت في نفسكِ وتعلمتِ منها؟
أتذكر مرة كان عندي مشروع كبير، وكنت حاسة أنه مستحيل أقدر أنجزه. حسيت بالخوف والضغط، بس قررت إني ما أستسلم واشتغلت خطوة خطوة. وفي النهاية، نجحت! تعلمت من هذه التجربة أن الصبر والمثابرة أحيانًا أهم من كل شيء، وأنه حتى لما يكون الطريق صعب، الإرادة تصنع الفرق.
- ما هي القيم والمبادئ التي تؤمنين بها وتدافعين عنها؟
أؤمن بـ المهنية العالية في العمل الفني، وبـ الحرية المسؤولة، وبقيمة الفن كأداة للتغيير الإيجابي. وأدافع عن حق التعبير، والعدالة الاجتماعية، وحق المرأة في تقرير مصيرها الفني والشخصي.
- ما هي علاقتكِ بالقراءة والكتابة، وما أبرز ما تهتمين به منهما؟
علاقة جوهرية. القراءة هي وقودي الفكري. أهتم بشكل خاص بالفلسفة وعلم الجمال والروايات العربية والعالمية التي تُضيء الجوانب الخفية للنفس البشرية.
الجزء الثاني: التخصص والرؤية الفنية
- كيف بدأتِ مع الرسم والألوان، ولماذا اخترتِ هذا المجال؟
بدأت مع الرسم منذ صغري، كنت دائمًا مفتونة بالألوان والأشكال وكيف يمكن للفن أن يعبر عن المشاعر والأفكار بطريقة تتجاوز الكلمات. اخترت هذا المجال لأن الفن بالنسبة لي ليس مجرد هواية، بل وسيلة للتعبير عن الجمال الإنساني والروحي، ولأشارك الناس رؤيتي وأثرهم بشكل إيجابي من خلال لوحاتي ومشاريعي.
- مَن مِن الفنانين أو الفنانات تأثرتِ بهم ولماذا؟
تأثرتُ بعمالقة الفن الذين أحدثوا ثورات في مدارسهم. تأثرتُ بـ فان جوخ لعاطفته الجياشة واستخدامه العنيف للّون الذي ينقل الشعور بصدق مطلق. وبـ بيكاسو لجرأته في تحطيم القوالب الكلاسيكية، وتنوّعه الفني، وقدرته على إعادة تعريف الأشكال والمفاهيم البصرية.
- ما أبرز إنجازات لوحاتكِ؟ وكيف تختارينها؟
أبرز إنجازاتي هي فوزي مؤخراً بالمركز الأول على مستوى الدولة في مسابقة “فن الغد والإرث الإماراتي” بتصميم جدارية فنية. كما تشمل إنجازاتي مشاركاتي الفعالة في المعارض الفنية المفردة والجماعية داخل وخارج الدولة، وتنفيذ لوحات وجداريات فنية مميزة في مؤسسات مرموقة مثل مستشفى برجيل ومركز NMC.
وأختار اللوحات بناءً على مدى تحقيقها للتوازن بين الإتقان التقني (إتقان الرسم الواقعي والتجريدي) والعمق المفهومي.
- ما هو المركز الذي يتبوأه الحب في لوحاتكِ؟
الحب يتبوأ مركز الطاقة الدافعة للخلق؛ هو ما يجعلني أعمل بإتقان وأحرص على التفاصيل. أرى الحب كقوة تجعلني أرغب في تجميل محيطي عبر الفن والجداريات.
- كيف تتمخّض فكرة اللوحة؟ وكيف ترسمين؟ ومتى؟
أفكار اللوحات عادة تولد من خيالي وتجربتي الشخصية. أحيانًا تعكس حالة عاطفية أو تجربة مررت بها. أبدأ بالرسم عندما أشعر بـ الإلهام، أضع الخطوط الأولية ثم أعمل على التفاصيل والألوان تدريجيًا حتى تنبض اللوحة بالحياة. مدة إنجاز اللوحة تختلف حسب تعقيدها، فقد تحتاج أيامًا قليلة أو أسابيع، لكن دائمًا أحب أن أعطي كل لوحة الوقت الكافي لتكتمل كما تخيّلتها.
- مَن يرسم لمَن؟
أرسم لمن يملك عينًا تُبصر ما وراء الشكل، وأرسم لي أولاً لأفهم نفسي، وفي النهاية، أرسم لتجميل البيئة التي يرتادها الناس، مما يخدم الرسالة المجتمعية للفن.
- ما النسبة التي يتربع عليها كل من المرأة والرجل والطفل في لوحاتك؟ ولماذا؟؟
أغلب لوحاتي موجّهة للأطفال، خاصة في المستشفيات ومراكز أصحاب الهمم. يكون الطفل محور اللوحة ليحمل البراءة والطاقة الإيجابية، ويساعدهم على كسر حاجز الخوف والقلق في هذه الأماكن. المرأة والرجل يظهران أحيانًا لدعم المشهد أو الفكرة، لكن دائمًا أحرص أن يظل الطفل هو مركز اللوحة والرسالة الإيجابية.
- هل تعتقدين بوجود فن نسائي وآخر ذكوري، كيف ذلك؟ ولماذا؟
أنا أرى أن الفن بحد ذاته عالمي، ولا يمكن حصره في ذكوري أو نسائي. لكن أحيانًا ينعكس على الفنان أو الفنانة تجربتهن الحياتية ووجهة نظرهن، فالفنانة قد تميل لتصوير مشاعر دقيقة وحياتية مرتبطة بتجربتها الأنثوية، والفنان قد يعكس منظورًا مختلفًا أو قوة معينة في الطرح. في النهاية، الفن هو وسيلة للتعبير عن الذات والتجربة الإنسانية، بغض النظر عن الجنس.
- هل تعتقدين بأن التقدّم العلمي يلغي الحاجة للفن؟
على العكس تماماً. كلما تقدم العلم وطرأت تعقيدات تقنية، زادت حاجتنا للفن ليعيد التوازن الروحي والإنساني. الفن هو الشريك الروحي للعلوم.
- هل أنت مع حرية المرأة اجتماعياً، واستقلالها فنياً، اقتصادياً، وسياسياً؟
نعم، أنا مؤمنة تمامًا بـ حرية المرأة في كل المجالات، سواء اجتماعيًا أو فنيًا أو اقتصاديًا أو سياسيًا. أرى أن تمكين المرأة يمنحها القدرة على التعبير عن نفسها، الإبداع والمساهمة بفاعلية في المجتمع، ويعزز العدالة والمساواة للجميع.
- كيف تفهمين كلاً من الديمقراطية، حرية التعبير، احترام الرأي الآخر، التعددية السياسية، حرية الأديان، سياسة التسامح في المجتمع؟
أرى أن الديمقراطية هي القدرة على المشاركة والمساهمة في صنع القرار بشكل عادل ومتساوٍ. حرية التعبير واحترام الرأي الآخر تعني أننا نستطيع أن نشارك أفكارنا وآراءنا دون خوف، مع تقبل اختلاف الآخرين. التعددية السياسية تسمح بوجود وجهات نظر متعددة وتوازن القوى. حرية الأديان وسياسة التسامح تعني العيش المشترك بسلام واحترام للثقافات والمعتقدات المختلفة، وهو ما يعزز مجتمعًا متماسكًا وعادلاً.
- ما هو رأيكِ بالثقافة الذكورية المنتشرة؟
الثقافة الذكورية هي تحدٍ مستمر، وتعد عائقاً أمام التطور. يجب أن نستخدم الفن كأداة قوية لتغيير الصورة النمطية، والاحتفاء بـ مكانة المرأة كـ “قيمة وقامة” تساهم في جميع المجالات، بدلاً من حصر دورها التقليدي.
19 – كيف تقيمين وضع المرأة في بلادنا من الناحية الثقافية والتعليمية والتوعوية؟؟ وكيف ترين نظرة الرجل إليها، وتعامله معها، وهل أنت راضية عن ذلك أم لا؟ وكيف تحبين أن يعامل الرجل المرأة بشكل عام؟
أرى أن وضع المرأة في بلادنا تحسن كثيرًا من الناحية الثقافية والتعليمية والتوعوية، حيث أصبح لديها فرص أكبر للتعلم والمشاركة. لكن أحيانًا ما زالت بعض المفاهيم القديمة تؤثر على نظرة بعض الرجال وتعاملهم مع المرأة. شخصيًا، لا أكون راضية عن أي تعامل يقلل من مكانة المرأة أو يقيد حريتها. أحب أن يُعامل الرجل المرأة بـ الاحترام والتقدير والمساواة، وأن يُنظر إليها كشريك متساوٍ قادر على الإبداع والعطاء في كل المجالات.
20 . ما موقفك ورأيك من الصداقة، الحب، الزواج؟ وهل تعتقدين أن الشبكة العنكبوتية نعمة أو نقمة على الإنسان؟
أؤمن أن الصداقة الحقيقية هي دعم متبادل وصدق، والحب علاقة مبنية على الاحترام والتفاهم. الزواج بالنسبة لي شراكة حياتية يجب أن تقوم على المودة والاحترام المتبادل. أما بالنسبة للشبكة العنكبوتية، فهي نعمة إذا استُخدمت للتعلم والتواصل الإيجابي، لكنها قد تتحول إلى نقمة إذا استُخدمت بشكل سلبي أو أضرت بالعلاقات والقيم الإنسانية.
21 . ما أبرز محطات مسيرتك الفنية؟ وما التكريمات التي استحقيتها؟
أبرز محطات مسيرتي الفنية تشمل المشاريع التي خصصتها للأطفال، خاصة في المستشفيات ومراكز أصحاب الهمم، حيث شعرت أن الفن قادر على إحداث تأثير إيجابي مباشر. كما شاركت في عدة جداريات ومهرجانات فنية مهمة، وفخورة بحصولي على الإقامة الذهبية والفوز بالمراكز الأولى، إضافة إلى تكريمات وشهادات تقدير من مؤسسات عدة، تقديرًا لجهودي في استخدام الفن كوسيلة للتعبير والدعم المجتمعي.
22 . ما مشاريعك المقبلة والخطط الفنية التي تريدين تحقيقها؟
مشاريعي المقبلة تركز على توسيع أثر الفن بين الأطفال، خاصة في المستشفيات ومراكز أصحاب الهمم، من خلال جداريات وورش عمل تعليمية تفاعلية. كما أسعى لـ تطوير أسلوبي الفني وتجربة تقنيات جديدة، والمشاركة في معارض ومهرجانات دولية لنشر الفن الإيجابي والمُلهم على نطاق أوسع.
23 . كلمة أخيرة عبر منصة حرمون؟
شكراً لمنصة حرمون على هذه الفرصة الجميلة للتحدث عن فني وتجربتي. أتمنى أن تصل رسالتي من خلال لوحاتي إلى الجميع، وأن يكون الفن مصدر إلهام وجمال وفرح لكل مَن يراه.






































