صدر عن إدارة واستثمار مرفأ بيروت بيان، يوم أمس الجمعة، يكشف عن التصنيف الأخير للمرفأ حسب تقرير البنك الدولي لعام 2024، إذ احتل المرتبة 54 عالمياً، وفقاً لمؤشر أداء موانئ الحاويات، معززاً موقعه بين أهم الموانئ العالمية من حيث الكفاءة والتطور اللوجستي، ويظهر التقرير، بحسب البيان، “التقدم المستمر في مسيرة مرفأ بيروت نحو تحسين أدائه وتقديم خدمات متميزة لشركائه والعملاء”.
في عام 2023 كان المرفأ في المرتبة 81، بينما كان في عام 2022 في المرتبة 323، “ما يعكس تحسناً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، ويُبرز قدرة مرفأ بيروت على التقدم عالمياً، مع تعزيز حركة التجارة ودوره في دعم الاقتصاد الوطني”، وفق البيان.
ويشكّل مرفأ بيروت أحد الأعمدة الأساسية في الاقتصاد اللبناني، إذ يُعتبر البوابة الرئيسية لحركة التجارة الخارجية ومعبراً حيوياً لأكثر من 70% من الاستيراد والتصدير.
في عالم يعتمد بصورة متزايدة على سلاسة النقل البحري، باتت كفاءة المرافئ عاملاً حاسماً في تحديد تنافسية الدول، لما لذلك من أثر مباشر على كلفة التجارة وجاذبية الاستثمارات، وبعد الانفجار الكارثي في الرابع من أغسطس/ آب 2020، دخل المرفأ في مرحلة صعبة انعكست على موقعه الإقليمي والدولي، فالأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية وتوقف عدد من الأرصفة، أضعفت قدرته على المنافسة وأدت إلى تراجع تصنيفه العالمي، ومع ذلك، شكّلت إعادة تشغيله بسرعة نسبية خطوة أساسية للحفاظ على استمرارية تدفق السلع، وهو ما مهّد لاحقاً لعملية تعافٍ تدريجية.
خلال عامَي 2022 و2023 بدأت مؤشرات هذا التعافي بالظهور بوضوح. ففي عام 2022 كان مرفأ بيروت يحتل المرتبة 323 عالمياً، وهو موقع متأخر للغاية مقارنة بإمكانياته التاريخية، لكن مع إدخال تحسينات تشغيلية ولوجستية، قفز في عام 2023 إلى المرتبة 81، ما شكّل نقلة نوعية أعادت الثقة بقدرته على استعادة دوره، أما اليوم، وبحسب تقرير البنك الدولي لعام 2024، فقد واصل المرفأ تقدّمه ليحتل المرتبة 54 عالمياً، ما يضعه ضمن قائمة المرافئ الأكثر تطوراً وكفاءة على المستوى الدولي.
وذكر البيان أنّ “هذا التقدم ليس مجرد إنجاز رمزي، بل يحمل انعكاسات اقتصادية مباشرة، فزيادة الكفاءة التشغيلية تعني خفض زمن انتظار السفن وتقليص كلفة النقل، ما يؤدي بدوره إلى تخفيف الضغط على أسعار السلع في السوق المحلية، كما يعزز الموقع الجديد فرص تحويل لبنان إلى مركز لوجستي في شرق المتوسط، قادر على ربط التجارة بين أوروبا والمنطقة العربية”، ومن جهة أخرى، فإنّ ارتفاع التصنيف “يفتح المجال أمام زيادة الاستثمارات المرتبطة بالنقل البحري والخدمات المساندة، ما يسهم في تنشيط الإيرادات العامة ودعم القطاعات الصناعية والتجارية”، وفق البيان.
ورغم هذه القفزة النوعية، تبقى أمام مرفأ بيروت تحديات جوهرية لا بدّ من معالجتها لضمان استدامة الإنجاز، فالاستقرار السياسي والأمني يشكّل شرطاً أساسياً لجذب الشركات العالمية، فيما تحتاج البنية التحتية إلى استثمارات إضافية لإكمال إعادة التأهيل، كذلك، فإنّ تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في الإدارة يُعدّان من المتطلبات الضرورية لاستمرار الثقة الدولية، وإلى جانب ذلك، لا يمكن إغفال المنافسة القوية التي تفرضها مرافئ المنطقة، سواء في الخليج أو في شرق المتوسط، ما يستدعي استراتيجيات مبتكرة للحفاظ على التقدّم المحقق.
العربي الجديد