يضيع القطاع غير الرسمي على خزانة الدولة في المغرب إيرادات مهمة، ما يفرض تبني نظام جبائي يراعي طبيعة الأنشطة المرتبطة بذلك القطاع، خاصّة أنه يساعد على توفير فرص عمل مهمّة في سياق يتّسم بارتفاع معدل البطالة إلى 13.3%.
وتشدّد تقارير مؤسسات دولية ومحلية ورسمية، على وزن ذلك القطاع في الاقتصاد الوطني؛ فقد أكد المركز المغربي للظرفية، أن القطاع غير الرسمي يمثل 30% من الناتج الإجمالي المحلي ويوفر حوالي 40% من فرص العمل.
ويتجلى دور القطاع غير الرسمي، في ظل ضعف معدل النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز في العام الماضي، كما في الأعوام السابقة، نسبة 3.2%، إذ لا يساعد على توفير فرص عمل كثيرة تستوعب جزءاً من الشباب الذين يصلون إلى سوق العمل البالغ عددهم 300 ألف سنوياً.
وبالتالي فإنّ هذا القطاع لا يساهم في توفير فرص عمل للأسر الهشة التي قد تستفيد من نظام الحماية الاجتماعية فحسب، بل إنّ فقدانه سيؤدي إلى فقدان إيرادات جبائية مهمة تصلُ، حسب تقرير للمركز المغربي للظرفية، إلى 3.4 مليارات دولار.
ويعتبر الخبير الجبائي محمد الرهج أن عملية العفو الجبائي التي أطلقتها الحكومة في العام الماضي، المتعلقة بالتسوية الطوعية للموجودات المودعة في حسابات بنكية، والموجودات المحتفظ بها أوراقاً بنكية، والمنقولات أو العقارات المقتناة وغير المخصصة لغرض مهني، والسلفات المدرجة في الحسابات الجارية للشركاء أو في حساب المستغل، أو عمليات القروض الممنوحة للغير، يمكن أن تساهم في تقليص حجم القطاع غير الرسمي.
غير أن الرهج في تصريح لـ”العربي الجديد” يشدّد على أنه يتوجب على الحكومة إيجاد حل سياسي لمشكلة القطاع غير الرسمي، في نفس الوقت الذي يؤكد على ضرورة العودة إلى مبادئ الإصلاح الجبائي الذي اتُّفق عليه قبل ستة أعوام عبر تغليب المساواة وتخفيف الضغط الجبائي، بما يساهم في صمود الشركات الصغيرة التي قد تضطر إلى العمل في القطاع غير الرسمي بسبب حجم التكاليف الجبائية والتحملات الاجتماعية.
مسار طويل
غير أن مسار معالجة مشكلة القطاع غير الرسمي سيكون طويلاً على ما يبدو، وهذا ما يوضّحه الخبير في القطاع الزراعي، محمد الهاكش، الذي يلاحظ أنّ القطاع غير المهيكل ملاذٌ للكثيريين من البطالة التي تطاول الشباب والنساء تحديداً في المدن والأرياف.
وسبق للمندوبية السامية للتخطيط أن أكدت أن الاقتصاد الوطني يتسم بضعف الإنتاجية، التي تؤدي إلى سيادة العمل منخفض الأجر، ذي المهارات الضعيفة، وغير اللائق، ما يفسر استيعاب القطاع غير الرسمي لحوالى ثلثي اليد العاملة التي تتلقى أجوراً ضعيفة.
ويذهب الهاكش في تصريح لـ”العربي الجديد”، إلى أن سوق العمل في المغرب مطبوع بوجود قطاع غير رسمي، إذ تبقى العديد من المهن بعيدة عن تأطير قانون العمل، وهي مهنٌ لها علاقة بالتجارة والخدمات الصغيرة والزراعة وحتى الصناعة.
ولم يكفَّ الاتحاد العام لمقاولات المغرب الذي يمثل مصالح رجال الأعمال، عن الدعوة إلى ضرورة إخضاع القطاع غير الرسمي لمنظومة الضرائب، مشيراً إلى أن تهربه من الجباية والتحملات الاجتماعية يجعل القطاع الرسمي في منافسة غير متكافئة معه.