يسير السودان نحو تصدر دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معدلات التضخم، والتي سترتفع إلى مستوى قياسي بفعل ما خلفته الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 من ندوب على وجه الاقتصاد المشلول أصلا.
وشكّلت الحرب الدائرة ضربة قاضية للاقتصاد، الذي كان أصلا مستنزفا بعد سنوات من الحروب والعزلة، مع استمرار إغلاق البنوك وتوقّف حركة الاستيراد والتصدير وانهيار قيمة الجنيه وتدهور القدرة الشرائية للسكان.
وتسببت موجة ارتفاع قوية للأسعار نتيجة تدهور سعر صرف العملة المحلية والاضطرابات وتوقف دعم المانحين الدوليين، في ارتفاع معدلات التضخم في البلاد إلى مستوى مقلق.
وأصدر صندوق النقد الدولي بيانات جديدة لعام 2024 توضح التوقعات بشأن معدلات التضخم في الدول العربية للعام 2025، وكشفت الأرقام عن تفاوتات كبيرة في نسب التضخم المتوقعة بين الدول.
وحلل خبراؤه أوضاع الاقتصاد السوداني في ظل الحرب في عامي 2023 و2024 وتوقعاته للعام 2025 بالاستناد إلى ثلاثة مؤشرات رئيسية للأداء الاقتصادي تتمثل في معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات التضخم ومعدلات البطالة.
ويتوقع الصندوق أن يسجل السودان أعلى معدلات التضخم في المنطقة العربية خلال عام 2025 عند حوالي 119 في المئة رغم أنه سيتراجع عن مستويات العام الحالي والمقدرة بنحو مئتي في المئة.
وتناولت المؤسسة الدولية المانحة في تقرير أعدته لاجتماعات الخريف بواشنطن تحت عنوان “آفاق الاقتصاد العالمي” معدلات التضخم في السودان العام 2023.
وحدد التقرير أنها بلغت نسبة 77.2 في المئة وتأخذ هذه النسبة في الاعتبار أن الحرب بدأت بعد انتهاء الربع الأول من السنة المالية.
لكن الصندوق توقع أن تصل معدلات التضخم خلال العام الجاري إلى نسبة 200.1 في المئة، أي بزيادة تصل إلى نحو 123 في المئة بمقارنة سنوية.
وأشار تقرير خبراء صندوق النقد إلى احتمال حدوث انفراج في عام 2025 حال تم التوصل إلى وقف الحرب ليصل معدل النمو المتوقع إلى 8.3 في المئة.
ودمرت الحرب المناطق الصناعية والأسواق وسبل العيش في العاصمة الخرطوم ومدن كثيرة بالبلاد، ودفعت الملايين من السودانيين إلى الفقر بعد تعطل أعمالهم وتجارتهم.
ويعتمد حوالي ثلث سكان السودان البالغ عددهم 46 مليون نسمة على المساعدات الإنسانية. وحذّر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من أن الحرب دفعت البلاد إلى “شفير الانهيار”، حيث تعاني الغالبية العظمى من السكان من الجوع.
وأكد رئيس جهاز حماية المستهلك نصرالدين شلقامي مرارا أن الجهاز يواجه صعوبات في التصدي للمخاطر، التي قد تنجم عن استخدام بضائع مهرّبة ومجهولة المصدر يجري تداولها في الأسواق، بعد دخولها من دول الجوار.
وتأتي مصر في المرتبة الثانية بمعدل تضخم متوقع يبلغ 21.2 في المئة، وهو رقم يشير إلى استمرار التأثيرات الاقتصادية السلبية في البلاد.
وتسعى الحكومة المصرية إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية تهدف إلى خفض معدلات التضخم وضبط الأسواق، إلا أن التوقعات تشير إلى أن التحديات المالية ستستمر خلال العام المقبل.
في المقابل، جاءت قطر كالدولة العربية الأقل تأثرا بالتضخم وفقا للتوقعات، حيث من المنتظر أن تسجل 1.4 في المئة فقط، مما يعكس استقرارا اقتصاديا نسبيا مدعوما بقطاع طاقة قوي، واستقرار في الأسواق المحلية.
موقع العرب