زياد العسل
تستمرُّ الحرب التي تشنّها حكومة بن يمين نتنياهو على لبنان يوماً بعد آخر، على وقع المزيد من التّدمير الممنهج واغتيال القادة والكوادر في “الحزب”، الأمر الذي يشي بإمكانية تدحرج الأمور إلى ما لا تُحمد عقباه واتساع رقعة هذه الحرب لتصبح إقليمية بل ما يتعدّى ذلك. فنتنياهو الذي يحاول اقتناص انشغال الإدارة الأميركية بالتحضير للانتخابات الرئاسية والذي يريد تثبيت نفسه كزعيم تاريخي للكيان، لم يعد يتوقف وحكومته عند أي من الخطوط الحمراء، ولعل اغتيال السيد حسن نصر.الله كان من جملة الارتكابات الكبرى التي ستبقى بمثابة جمر الثأر تحت رماد الأيام المقبلة من عمر الصراع.
تركيز نتنياهو على عودة سكان المستوطنات الشمالية هو واحد من الأهداف التي وضعها والتي يحاول من خلالها تحقيق انتصار وإنجاز وسط كوة الإخفاقات في غزة والجنوب، اذ ينتهج سياسة احتلال القرى الجنوبية الحدودية فهو يحاول احتلال بلدتي كفركلا والعديسة وسواها لتأمين عودة المستوطنين إلى قرى حدودية مثل المطلة، إضافة للاستحواذ على جنوب بلدتي دير ميماس وحوره، تمهيداً لفصل جنوب الليطاني عن سواه من القرى والمدن الجنوبية الكبرى، وبالتالي قطع طريق الإمداد بشكل نهائي، إذ يعتقد نتنياهو أن احتلال تلك القرى الحدودية، ومنها كفركلا على سبيل المثال، ينقل النيران والسيطرة الكاملة على قرية الطيبة وبعض القرى المجاورة لها في هذا الإطار، وقد يذهب لما هو أبعد من محاولات أن “يفلش” الرقعة جنوباً وصولاً إلى العاصمة التي يمني النفس بإعادة احتلالها، كما حدث عام ١٩٨٢. فهل يمكن له ذلك؟
عن هذا الموضوع يتحدّث مصدر سياسي متابع، معتبراً أن مجرد تفكير نتنياهو بالوصول إلى العاصمة هو ضرب من ضروب الحماقة الكبرى، فبيروت التي تصدّت بمختلف فصائلها وقواها الوطنية في عام ١٩٨٢ ستقف اليوم الوقفة نفسها، حيث ان القرار عند القوى الوطنية اتخذ لناحية إسناد “الحزب” بكل ما المقوّمات والإمكانيات البشرية والقتالية المتوفرة، وثمة من هو مستعد ليكون أحمد قصير وخالد علوان الثاني وسناء محيدلي وسواهم ممن نذورا أنفسهم لبذل الأرواح في إطار رفض أسرلة العاصمة.
ينهي المصدر معتبراً أننا أمام أيام مفصلية كبرى سيتقرر بها مصير وطن كامل لا بل أمة كاملة. فهذا الصراع الذي بدأ إسنادياً سيكون محدداً لمعالم المنطقة لعقود الى الامام، وهذا ما يجب أن يعرفه الناظرون للمشهد بعين ضيقة لإطار المواجهات والصراع المفتوح اليوم على الجبهتين الغزاوية واللبنانية الجنوبية.