جهاد نافع – الديار
فتحت مدرسة «مي» الرسمية في محلة الزاهرية في طرابلس وبجوار المبنى البلدي أبوابها، لتأوي النازحين السوريين الفارين من الجنوب اللبناني، وللفصل بينهم وبين النازحين الجنوبيين الذين توزّعوا في مراكز إيواء متعددة في المدينة، باعتبار ان مسؤولية الاهتمام بالنازحين السوريين، تقع على عاتق الأمم المتحدة بمعزل عن النازحين الجنوبيين…
تم استقبال النازحين السوريين في مدرسة «مي» الرسمية بفرعيها الأول والثاني، غير ان الايواء لم يعد مقتصراً على نازحين سوريين قادمين من الجنوب اللبناني ومن الضاحية الجنوبية، بل شكل فتح المدرسة فرصة سانحة لإيواء نازحين سوريين منذ اندلاع الأزمة السورية العام 2011، فانتقلت اليها عشرات العائلات من النازحين السوريين المقيمين أصلا في أحياء طرابلس، وكانت فرصة ذهبية لعشرات العمال السوريين العاملين على عربات وبسطات في شوارع المدينة، إضافة الى عدد من الشحاذين الذين عثروا على مأوى لهم في المدرسة، التي تعتبر نموذجية من حيث الهندسة والنظافة والترتيب والتجهيز.
خلال خمسة أيام تقريباً، وتحت شعار إيواء النازحين، تحولت المدرسة الى مأوى لعائلات سورية لا تمتّ بصلة للنزوح، ومأوى للمشردين، مع خليط من نازحين سوريين قدموا من الجنوب والضاحية، وبلغ عددهم لغاية امس قرابة الـ 670 شخصاً…
لم يعد مبنى المدرسة بناء نموذجياً، فخلال بضعة أيام بات يتجه ليتحول الى “خربة» جراء غياب الرعاية الرسمية من لجنة إدارة الكوارث، ومن محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا، الذي لم يستطع وضع يده على المدرسة ورعايتها، سواء بوضع حاجز أمني أمام المدرسة لمنع التجاوزت غير المسبوقة، او لتنظيم عملية توزيع المساعدات والهبات المقدمة من فاعلي خير، حيث وضعت الهبات في مستودع دون تحديد مصيرها وبمنع إدارة المدرسة الإشراف عليها…
وحسب إحدى الجهات الواهبة، تبين لها من ملاحظات سجلتها، ان كثيراً من صناديق المساعدات تختفي، وان هذه المساعدات المخصصة للنازحين، باتت تشمل عائلات سورية تقيم في احياء طرابلس وجرى نقلها الى المدرسة، ونقل عدد من المشردين والعمال للاستفادة من المساعدات اليومية، كل ذلك بغياب هيئة الطوارئ والكوارث في مقر محافظة الشمال، التي تغض النظر وفق رأي جهات معنية بملف النازحين…
وفي ظل الفلتان الذي تشهده المدرسة، وما يحصل فيها من تخريب وتلف للمراحيض وتكسير أبواب، وفي ظل مخاوف انتشار الأوبئة والأمراض المعدية، والاختلاط الحاصل، وبوجود أعداد لا يستهان بها من الفتيان والفتيات والنساء والرجال، فقد انسحبت من المدرسة جمعية «الإرشاد»، الوحيدة التي كانت تعتني بالعائلات النازحة، وبقيت المدرسة في مهب الرياح.