تبرز الفرص الاستثمارية الجديدة في الموانئ الكويتية عاملاً محورياً للنمو الاقتصادي في الكويت، إذ تُظهر البيانات الرسمية سعي مؤسسة الموانئ الكويتية إلى زيادة هذه الفرص بنسبة 70% بحلول عام 2024، لتكون خطوة تمثل جزءاً من خطة أوسع لتحقيق نسبة 90% بحلول عام 2030.
وفي هذا الإطار، جاء رصد وزارة المالية الكويتية، 56 مليون دينار لتطوير الموانئ، في 6 يونيو/حزيران الجاري، مع التركيز على توسعة ميناء الشعيبة وتطوير ميناء الشويخ، بعد تحقيق مؤسسة الموانئ الكويتية أرباحاً بقيمة 59.8 مليون دينار كويتي (نحو 194.9 مليون دولار) عن السنة المالية 2024-2023، بمعدل نمو قارب 100% عن السنة المالية السابقة.
لكن الموانئ الكويتية تواجه تحديات جمة، أبرزها إنشاء ميناء الفاو الكبير الذي يُتوقع أن يعزز الربط التجاري بين آسيا وأوروبا، إذ لم تنجح الكويت في أن تكون جزءًا من هذا المشروع الاستراتيجي، ما يضع موانئها أمام تحديات تتطلب حلولاً مبتكرة لتعزيز قيمتها المضافة وتنافسيتها، بحسب مراقبين لـ”العربي الجديد”.
أرباح الموانئ الكويتية
يؤكد الخبير الاقتصادي الكويتي محمد رمضان، أن المبلغ المعلن عنه لأرباح الموانئ الكويتية يظل محدوداً، رغم مضاعفته قياساً إلى السنة الماضية، لافتاً إلى ما اعتبره ضعفاً في إعلان مؤسسة الموانئ الكويتية، إذ اقتصر على بيان الأرباح دون تحديد “جودة” هذه الأرباح.
ويوضح رمضان أن ملاحظته تعود إلى سجل سلبي لمؤسسة الموانئ، حسب تقارير ديوان المحاسبة الكويتي، مشيراً إلى ضرورة بيان جودة الأرباح بتوضيح علاقتها بمشروعات لتطوير الموانئ، خاصة أن الموانئ الكويتية عموماً بحاجة إلى تطوير من حيث عدد الرافعات والإمكانات اللوجستية.
ويتوقع رمضان أن تجري مؤسسة الموانئ تعديلات تصب في تطوير الموانئ مستقبلاً، “فالعبرة ليست بتحقيق الأرباح بل بانعكاسها الاستثماري”، حسب رأيه، مشيراً إلى أن الأرباح المعلنة ليست على المستوى المطلوب أصلاً.
ووفق الخبير الاقتصادي، فإن الموانئ الكويتية تواجه تحديات كبيرة، نظراً إلى عدم تلقيها الاهتمام الأمثل، داعياً إلى توفير الإنفاق الكافي لجعلها في المستوى الذي يفترض أن تكون عليه، في ظل تنافسية متصاعدة مع موانئ متطورة في منطقة الخليج.
الكويت أمام تحدي الفاو
يشير الخبير الاقتصادي العراقي وضاح طه، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، إلى أن التحدي الأبرز للموانئ الكويتية هو إنشاء ميناء الفاو الكبير، الذي سيكون مربوطاً بطريق التنمية الذي يربط العراق بتركيا وأوروبا، ويشترك فيه العراق وتركيا والإمارات وقطر بشراكة استراتيجية، ومن المخطط له أن يكون شرياناً رئيسياً للربط بين آسيا وأوروبا، يختصر بنسبة كبيرة مسافة وزمن النقل عبر قناة السويس أو عبر منافذ أخرى عبر طريق بري وسكك حديدية.
ويرى طه أن الكويت أخفقت في أن تكون جزءاً من هذا المشروع، ولذا فحجم التحديات التي تواجه الموانئ الكويتية كبير، خاصة مشروع بناء ميناء مبارك الكبير، موضحاً أن مشروعاً كهذا يفترض أن يقدم قيمة مضافة إلى الموانئ، بحيث تميزها عن بقية الموانئ في الخليج. ويضيف طه أن تفكير صناع القرار في الكويت يجب أن يصب في اتجاه القيمة المضافة للموانئ.
ويلفت طه، في هذا الصدد، إلى أن الأرصفة التي أنشئت في ميناء الفاو العراقي ضخمة، وتتضمن بنية تحتية هائلة تشمل أنفاقاً يجري العمل فيها على قدم وساق، وعلى وشك الانتهاء منها، ما يعظم من التحديات التي تواجه مستقبل الموانئ في الكويت وقيمتها المضافة.
الخدمات اللوجستية
وفق تقدير الخبير الاقتصادي في شركة ستاندرد آند بورز، جيمس روبرتسون، فإن الزيادة في أرباح الموانئ الكويتية تقدم فرصاً استثمارية جديدة في قطاعات متعددة، مثل الخدمات اللوجستية، إذ ستشهد الكويت نمواً ملحوظاً في خدمات النقل اللوجستي، خاصة مع تزايد الطلب على خدمات تخزين البضائع ونقلها.
كما تقدم زيادة أرباح الموانئ الكويتية مساهمة في تحسين كفاءة الموانئ، ما يفتح المجال لفرص استثمارية جديدة في مجال التكنولوجيا، مثل أنظمة إدارة الموانئ، وأنظمة التحكم في الحركة، وأنظمة الأمن، فيما يقدم تطوير مصادر الطاقة المتجددة فرصاً استثمارية جديدة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بحسب روبرتسون.
وأعدت مؤسسة الموانئ الكويتية رؤى وخططاً جديدة ونوعية، جاهزة للانطلاق، لإنجاح رؤية “كويت جديدة 2035″، يتوقع معها إحداث طفرة في البنية التحتية لموانئ البلاد، وتشغيل مرافقها بأساليب عالمية، تتضمن رفع تعرفة لائحة الرسوم والأجور، وكذلك تأجير واستثمار الأراضي التابعة للمؤسسة، حسبما أوردت وكالة الأنباء الكويتية (كونا).