جميعا إلى أبطال في مسرحه دون أن نصعد إلى خشبة. يكفي أن نكون معلقين على خشبة على شكل صليب حتى نجترح فعل الخلاص.
أضاف: أهمية غابريل يمين سيداتي سادتي، هو أنه أدخلنا إلى مسرح الحياة بكل تلاوينها حتى ما عدنا نعرف عما إذا كان هو المخرج لأحزاننا المكبوتة أو عما إذا كنا شركاءه في كتابة النص. ملكية أحزاننا لنا والملكية الفكرية لغابرييل. حرر غابرييل ملكة الخيال في وجداننا وليس صحيحا أنه في رحيله خيرنا بين الحقيبة والتابوت. حزمنا معه حقائب السفر دون أن نغترب وأخرجنا من توابيتنا الصغيرة فدفنا فيها جثامين يأسنا. التوابيت الوحيدة التي فصلها لنا غابرييل يمين في مؤسسة دفن موتى يأسنا هي توابيت مفصلة على قياس القتلة الذين قتلناهم على مسرحه.
وعن تجربة الفنان مع المعاناة قال ألفا : أنجز غابرييل يمين بعد ثمان وخمسين سنة معموديته الثانية. الأولى غطسته بمياه الجرن بعد صرخة الولادة التي أطلقها من رئتيه والثانية من جرن الدموع بعد صرخة شربل في رئتيه. الفنان هو الكائن الوحيد الذي حباه الله بمعموديتين، الأولى لاستقبال الحياة والثانية لطرد الموت. في كل زفيره شهيقه لم يلون لنا غابرييل يمين أحلامنا. أحلامنا مصنوعة أصلا من جراحنا. أتانا غابرييل يمين ليغرز قلمه في الجراح وحول أحلامنا إلى ندوب فوق صدور توقنا المتأرجح بين اليأس والرجاء.
وعن أعماله اعتبر ألفا أن مقتل إن واخواتها كانت إحدى تلك الندوب التي أمسك فيها غابرييل بسكينة ريمون جبارة وساهم في التنقيب عما تبقى من قيح عذابات أيامنا وقال: الحزن هو الخياط وغابرييل هو عارض أزيائه ولذلك لا بد لنا أن نعاني من نزيف البطالة والفقر والمرض والإضطهاد حتى ندخل إلى عالمك أيها المبدع. موهبتك يا صديقي لا يعترف بها الأغنياء والطغاة وتجار السياسة. أنت مجبول من أرغفة الفقراء ونومة تشي غيفارا ورطوبة زنزانة مانديلا وعطر جثمان أحمد الدرة والمسك المتفشي في أيادي أكف المظلومين في بلدي وأريج شهدائنا التي تبكي عليهم أمهات عظيمات في جنوبنا الغالي وهذا سر عبقريتك.
وعن التجربة الروحية ليمين قال ألفا: عد الى الدير غابرييل. الى الدير الذي ركنت اليه من سنينك الست لأنه مسكون بأقربائك. منذ يفاعك تيقنت أن الأديرة التي يسكن فيها الله هي الأديرة المزدحمة بالآخر. وأنت ما زلت راهبا في دير الآخر. الله يسكن هناك لا في ابتهالات العزلة وأنانية المسافة. كل مسيرتك هو عودتك لهذا الدير الذي ما زلت تصلي بين جدرانه خلاص الناس لكن مع الناس. لذلك مسرحك صلاة وصلاتك مسرحك. القداسة أيها الإخوة هو كل واحد منا إذا صلى الثورة وثارت صلاته على موبقات هذا الزمن القبيح
وختم مخاطبا المكرم: دمت لنا غبرييل يمين ووفقنا الله في المرة القادمة أن نتعلم كار الخياطين البرعاء علنا نفصل ثوبا يليق بك في زمن الملبوسات الجاهزة