لقد جربت حيازة كل شيء فما ازددت إلا فقراً ..
وكلما طاوعت رغائبي ازدادت جوعاً وإلحاحاً وتنوعاً ..
حينما طاوعت شهوتي إلى المال ازددت بالغنى طمعاً وحرصاً وحينما طاوعت شهوتي إلى النساء ازددت بالإشباع عطشاً وتطلعاً إلى التلوين والتغيير .. وكأنما أشرب من ماء مالح فأزداد على الشرب ظمأً على ظمأ ..
وما حسبته حرية كان عبودية وخضوعاً للحيوان المختفي تحت جلدي ثم هبوطاً إلى درك الآلية المادية وإلى سجن الضرورات وظلمة الحشوة الطينية وغلظتها .. كنت أسقط وأنا أحسب أني أحلق وأرفرف ..
وخدعني شيطاني حينما غلف هذه الرغبات بالشعر وزوقها بالخيال الكاذب وزينها بالعطور وزفها في أبهة الكلمات وبخور العواطف .. ولكن صحوة الندم كانت توقظني المرة بعد المرة على اللاشيء والخواء ..
إلهي ..
لم تعد الدنيا ولا نفسي الطامعة في الدنيا ولا العلوم التي تسخر لي هذه الدنيا ولا الكلمات التي احتال بها على هذه الدنيا مرادي ولا بضاعتي ..
وإنما أنت وحدك مرادي ومقصودي ومطلوبي فعاوني بك عليك وخلصني بك من سواك وأخرجني بنورك من عبوديتي لغيرك فكل طلب لغيرك خسارة
..
من كتاب (أناشيد الإثم والبراءة)
د مصطفى محمود .. رحمه اللَّه
للمزيد من المعلومات القيمة تفضلوا بزيارة موقعنا وشاركونا أرائكم
أكاديمية حرمون للإعلام والتنمية والتدريب – Haramoon Academy
موقع حرمون