عفاف البعداني
(كاتبة من اليمن)
أتعرف أيها الأسيف! إنّ سمات الانتماء والتلاؤم لأمثالنا باهضة، ولا ينفعها بعض التشابة، ولا تُبنى على خيشم العهود وقوة التخيّلات ورقاقة التحمل، نحتاج لروحيّات عزيزة وقدرات خارقة تربط المعروف والمجهول لتصبح الذات فينا غريبة مهما بالغت في الظهور، تُجْلسنا بين سطوة الحضور واستفاقة الغروب مرة واحدة، تجعلنا نحسّ أننا على قيد الحب وأنّ تعبنا لا يهون، تمسّ ذواتنا بشيء من الحقيقة رغم تملّك الخيال القابع فينا، الحقيقة الصادقة فقط هي مَن تجعلنا غير عابئين بحدّات الألم وكل مفردات التخلي؛ لأن لكلٍ منا أسى قديم لا رغبة لنا في بقائنا بقربه، مهما علت ذائقة الشوق فينا .
ومعضلة كبيرة أن يكون جزء من ذكرياتنا أشياء لم تحدث سوى في عالمنا الخاص، لذا فإنّ قصتك أيها الأسيف، وافتني بالدموع اللامتوقفة وأنا التي لا يوقفها شيء ولا تنساب دمعتها إلا ما ندر، اليوم تمسني بالشعور نفسه، وتواسيني بذلك العزاء نفسه. منذ مدة أعيش في العتمة وأرتاح فيها دون أن أضغط على زر المصابيح العصرية، فضوء العصريين المتناسخ يقلقني، يعيق أفكاري المجيدة بالاختلاف، أكره أحاديثهم لا أحب حتى مناقشتهم في ما يخص أي شيء، أملُّ من كثرة التبرير اللا متوقف، وتصنّع الود المستمر، وتعاظم الأنا بشكل متكرر، موسوعة الجدالات التعصبية تمقتني لكثرة ما مقتها وتركتها، لا يلفتني إلا أقليّة يقبع أغلبها في الكتب وربما في بقعة هادئة على هذه الأرض؟!
لذا فإننا نستنجد بذاكرتنا عندما نستتب، وعندما نهون، وعندما نتهاوى من الفرح، لا يسعنا الواقع في كل ما نرغب به لذلك يساندنا التخيل في البقاء؛ لنعيش أجواءنا الخاصة وحياتنا المأمولة التي حدثت وربما لم تحدث، دون اكتراث بما قد تحجبه الحياة عنا، ترتبنا بعدها الأحداث والمواقف وأهمها الخيبات، لنحصل على ذاكرة قوية تحتفظ بكل شيء دونما أي مخافة بأننا سنفقدها ككل الأشياء التي فقدناها في لحظة كنا بها واضحين.
هي الذاكرة نفسها في كل شخص؛ لكنها تلتصق بنا حسب مفهوميتنا ودرايتنا بما يحدث وليس حسب تسابق الأيام، فهناك أشخاص ذاكرتهم محدودة، ومحددة بأفكار عنصرية مقرصنة، متدلية نحو سقوط قريب ليعيش حياته الخاصة متعباً إلى الأبد. وبالمقابل هناك من تفوح ذاكرته بأفكار عصرية تفوق الجميع بعبقريته وفطنته في تجاوز الأشياء الصعبة، لذا إننا نهدأ كثيراً عندما نتذكر، نبتسم بصمت عندما نتذكر أشياءنا الخاصة التي جعلت منا إنسانيين ولم ننسَ عرش الفضيلة، وكرامة الإخلاص وشيمة التجاوز لكل ما يحدث، فسرّ الفاقة التي تعتلج صدرك سببها ضعفك فقط. لا تصدق الخيبات، ولا تحتجّ بالظروف ولا يثنيك الوجع على أن تكون سويّاً، كن إنساناً مهما كلفك ذلك .
لإعلاناتكم في منصة حرمون يرجى الاتصال واتس:
0096176920208
وللانضمام:
مجموعة حرمون للتعليم والإعلام والتدريب:
https://chat.whatsapp.com/HQi7bkJTOGGLYmdqUsKYOB
مجموعة منصة حرمون وندوة حرمون الثقافية:
https://chat.whatsapp.com/HFNrMOLD5TKDxmZTTjYZi3
مجموعة حرمون بالتلغرام:
راديو حرمون:
https://onlineradiobox.com/lb/haramoon/?cs=lb.haramoon&played=1