عفاف البعداني
(كاتبة يمنية)
الذاكرة أكثر مكان يأتمنه الإنسان، مكان متّسع ويفوق فضاءات الكون الملونة من ضياء الكتب وتجارب السنين المتعاقبة، إنه المكان الذي يُحيك لنا أثوابًا قديمة وجديدة، لتتناسب مع كل يوم نمر فيه ونعجز عن مقاومته برقتنا، حتى عند قدوم الشتاء تجبرنا على إخفاء مشاعرنا في معاطف سميكةٍ ودسّ أصابعنا في جيوبنا العفيفة وعدم ملامسة أي يد تخون صدقنا المقرون بالحياة الحقّة مهما كانت حجته دافئة.
كل هذا اتقاء للانتماء الهش الذي اتفق عليه خِسة البشر، لترفعنا عالياً عنهم، ونبقى مرفرفين في سماوات التبريزي التي لا يشبهها أحد، ولا يصلها إلا ذو حظ عظيم .
تحذرنا من بعض أيادي البشر التي تخدش الجلد وتبرح في العظم كسراً لا يُجبر بسرعة. وحدها الذاكرة من تحتفظ بأمورنا دون أي سأم، وتعيننا على مواجهة السيل المتراكم والثلوج المتدافعة بكل ثبات محفوف بالانتصار، تجاهد كثيراً لنبقى متعافين أقوياء القلب دون أن نفقد إنسانيتنا مهما علت نشوة الرد فينا، إنها المروءة التي نصلها بالأخير عبر موجات صوتية تتردد على مسامعنا من محيط الذاكرة لتهذّب النفس وتبقينا متحمسين لمواجهة أشياء كنا نخاف أن تمر فقط بقربنا.
الآن بجهوزية مليئة بالحصانة الروحية، نقف كهرم ناضج، بعمقه ألف اكتفاء روحي وغير ممسوس بفحيح الأفاعي البشرية.
كل هذا وأكثر استيقظ بي وأنا أقرأ لك أيها الأسيف عُطْلٌ حلّ في ذاكرتها إلى الأبد، أعياك وذهبتْ برحلة بعيدة عنها رغم قواك العقلية في الإرادة، أضأت شمعة أطفأها مصطفى الرافعي في روايته ماجدولين، لم أشأ أن أفتح ذاكرتي عند تلك الرواية، وعند ذلك الرف وعند تلك الزاوية التي تفوح براحة الشعور الأدلج بالمرارة.
أقع في شراكك أيها الأسيف من الحياة، ذاكرتك المأخوذة بفعل فيروس سحيق نبهتني لأهمية ذلك الجزء المركون في عقلي كيف له أن يحمل عنا الكثير دون أن ننتبه له بحنيّة.
لإعلاناتكم في منصة حرمون يرجى الاتصال واتس:
0096176920208
وللانضمام:
مجموعة حرمون للتعليم والإعلام والتدريب:
https://chat.whatsapp.com/HQi7bkJTOGGLYmdqUsKYOB
مجموعة منصة حرمون وندوة حرمون الثقافية:
https://chat.whatsapp.com/HFNrMOLD5TKDxmZTTjYZi3
مجموعة حرمون بالتلغرام:
راديو حرمون:
https://onlineradiobox.com/lb/haramoon/?cs=lb.haramoon&played=1