المهندس باسل قس نصر الله
داخل السيارة التي كنتُ أقودها باتجاه كنيسة سمعان العمودي قرب “حلب”، كانت تجلس في المقعد الخلفي ثلاثة راهبات من رهبانية “مرسلات المحبة” التي أسستها الأم تيريزا.
أما بجانبي فكانت تجلس الرئيسة العامة “الأخت نيرمالا” وكانت صديقة وخليفة الأم تيريزا.
أنا لأ أدّعي أنني أمارس الشعائر الدينية بشكلٍ مستمر، ولكنني لم أتخيّل نفسي أن أقود سيارة من حلب الى كنيسة سمعان ومعي أربع راهبات وهم يَتْلون الصلوات بلغة أجنبية وانا أشاركهم بما أعرفه.
جاءت الرئيسة العامة لمتابعة أمور ديرهم في “حلب” الذي يقوم بخدمة الأشخاص والعَجَزة الذين تخلّى أهلهم عنهم أو أن حالتهم كانت صعبة جداً.
كنّا ببدايات الأزمة في سورية وكانت مشتقات النفط شحيحة، وراهبات الدير كنّ بحاجة إلى تدفئة الدير، فما كان من الشيخ د. أحمد حسون مفتي سورية، إلا أن تابع الموضوع بنفسه وقام بشراء ٢٥٠٠ ليتر وقدّمه هدية للدير.
قدّم مفتي سورية المسلم مازوت التدفئة، وسألني إن كانوا بحاجة إلى أي شيء مثل الغسالات الأوتوماتيكية، ولدى سؤالهم أجابتني الراهبة قائلة:
“إن فقراء الهند ليس لديهم غسالات أوتوماتية وهم يقومون بالغسيل بأيديهم، ونحن أيضاً”.
صُعقت من إجابتهن وتفكيرهن.. إنهمن يقمن بغسيل تبديلات داخلية قذرة جداً لِما لا يقل عن أربعين شخصاً بشكل يدوي.
تعلمت الكثير من تواضعهِن وخدمتهن، وفهمت ماذا تعني أن يخدمن بكلّ إخلاص.
عندما سافرت إلى “تيرانا” عاصمة البانيا، كان اسم المطار هو “تيريزا” فاعتقدتُ أن هذا هو اسم زوجة الرئيس كعادتنا في بعض الدول العربية وتفاجأت على مدخل المطار تمثالاً للأم تيريزا.. ولدى تجوالي في “تيرانا” – وتعني طهران – تفاجأت اكثر بوجود أماكن صلاة وشموع في الكثير من الشوارع والساحات.
فقراء وصلوات وخدمة هي من رموز الأم تيريزا.
خدمة وعطاء هي من رموز الشيخ د. أحمد حسون
ياليت البعض يخدم بمثل تواضع راهبات “الأم تيريزا”.
اللهم اشهد إني بلّغت.