عذراً ضاحيتي
لأني لم ألتمس جذورك
حين هشّم وجهك العدوان
عذراً مدينتي
لأني لم أقف بين حجارتك
أتلقف بعضاً من بأسك
وألملم أوراق ظلالك
وأسجد بصلاة المتعبد
على حصى طرقاتك
عذراً جميلتي
لأنك انت اهلنا
ونحن لم نكن أهلاً لك…
غداً سيحاول المتشدقون
تفتفة الكلام
سيقولون قد أزيل حزام البؤس
قد انفض هول الزحام
قد تبدّى لون البحر
وانقشع وجه الغمام
هم حمقى
هم أذناب الزمان
غداً عندما ينقشع الغبار
ستجفّ حناجر الطغاة
وسيلفظ البحر طحالبه
وأنت.. ضاحيتي ستتورّدين
ايتها الزهرة البرية المتدلية
من على شرفات القلب
وطيبك انبعاث لنوافذ المجد
وخط الأفق عنيد
ورماد ابنيتك هدير ووعيد
ضاحيتي… الحلم المديد
كل المتشدّقون صغار
والمارقون صغار
وأنت البعث والانتصار
هامات اطفالك عالية
وأنقاض وجودك شامخة
ومقاوموك رجال…
اتوق الى صخبك
اتوق الى مجالس العزاء
الى النشيد
وأعراس الفداء
الى شوارع عاشوراء
ضاحيتي الرائعة
طال أمد الرحيل
ونسمّيك محتد أسيل
وشتاؤك القادم
غايتي والسبيل…
ضاحيتي… يا قبلة الحياة القادمة
ليالي القدر تطرق أبوابك
وطيور ايلول لن تهجر ساحك
وكتاب الله يحفظ سماءك
ايتها الباقية
الصامدة
يا سنديانة عتيقة
فروعها تنبت في كل زاوية حديقة
قصيدتك عاملية
ومواويلك بقاعية
قوس النصر ميناؤك
وزبد الريح قلعتك…
ضاحيتي… هل تأذنين لي بالبكاء
بتفقد الأرجاء
بالارتواء الى حد ارتقائي لعظيم جراحك
الى حد انغراسي في عمق اعماقك
هل تأذنين لي بولادة جديدة
بأن أحمل بندقية
بأن أكون رصاصة
ومشروع قضية؟؟؟
كيف أعود اليك
وانت الشاهدة
والشهيدة الحية؟؟؟
سأنزع جلدي
سأستبدل حبر الكلام
كل من سيكتب التاريخ وحاضر الأيام
كل من سيرسم لوحاته والملاحم
كل من سيرقب الأحلام
سيبحث عن ذاته بين الحطام
سيجد ألوانه… ولعبه
ودفاتره والأقلام
ضاحيتي طال الغياب
أضناني بعدي
فهل تأذنين لي بعناقك؟؟
وافتراش ارضك
اترك العنان لشوقي
اتخذ ركناً لروحي
وحجارتك تغلف خوفي وبردي
هناك فقط
قد أنام…
قد أنام…
*كتبت هذه القصيدة أبان عدوان تموز 2006.