صوّت مجلس النواب الأميركي، الليلة الماضية، بأغلبية ساحقة قرارًا رمزيًا يعيد التأكيد على دعم الولايات المتحدة الكامل لإسرائيل والذي كان قدمه المشرعون الجمهوريون في عملية توبيخ ضمنية للديمقراطية البارزة، براميلا جايابال (من ولاية واشنطن في غرب الولايات المتحدة) ، التي وصفت إسرائيل بأنها “دولة عنصرية” في مؤتمر في مدينة شيكاغو يوم السبت الماضي، واضطرت للاعتذار عن ذلك يوم الأحد.
وقال القرار الذي تم التصويت عليه إيجابيا بأغلبية 412 صوت مع، و9 أصوات ضد وصوت واحد امتنع عن التصويت، إن “دولة إسرائيل ليست دولة عنصرية أو دولة فصل عنصري ، والكونجرس يرفض جميع أشكال معاداة السامية وكراهية الأجانب ، وستظل الولايات المتحدة دائمًا شريكًا قويًا وداعمًا لإسرائيل”.
وجاء التصويت في الوقت الذي كان فيه رئيس إسرائيل، إسحاق هرتسوغ في واشنطن لعقد اجتماعات مع الرئيس الأميركي جو بايدن ومسؤولين آخرين في الإدارة ، حيث يخطط عدد قليل من الديمقراطيين التقدميين مقاطعة خطابه (هيرتسوغ) في الجلسة المشتركة يوم الأربعاء.
وصوت النواب الديمقراطيون جمال بومان (ولاية نيويورك) والنائبة كوري بوش (ولاية ميزوري) والنائب أندريه كارسون (من ولاية إنديانا) والنائبة سمر لي (من ولاية بنسلفانيا ) ةالنائبة وإليكساندريا أوكاسيو كورتيز (ولاية نيويورك) والنائبة إلهان عمر (من ولاية مينيسوتا) والنائبة أيانا بريسلي (من ولاية ماساشوستس) والنائبة ديليا راميريز (ولاية إلينويز) والنائبة رشيدة طليب (من ولاية ميشيغان) فيما صوتت النائبة التقدمية بيتي ماكولوم ( من ولاية مينيسوتا) بالحضور (أي لا صوت).
يذكر أن من الذين صوتوا إلى صالح القرار كانت جايابال نفسها، بالإضافة إلى العديد من الديمقراطيين الآخرين الذين ينتقدون إسرائيل بشدة ، مثل راؤول جريجالفا وتشوي غارسيا.
وتحدثت النائبة طليب من على منصة الكونجرس قائلة إن “إسرائيل دولة فصل عنصري”، مستشهدة بعدد من تقارير منظمات حقوقية ، مثل “هيومان رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” ومنظمة “بيتسيلم” الإسرائيلية.
وقال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، النائب حكيم جيفريز إن “التصويت الحاسم من قبل أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين لدعم القرار الإسرائيلي يظهر مرة أخرى التزامنا القوي بدولة إسرائيل وحقها في الوجود كوطن للشعب اليهودي”.
وأضاف “سيظل أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين ثابتين في التزامنا الصارم بأمن إسرائيل، بالإضافة إلى حل الدولتين القوي حيث يمكن للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني العيش جنبًا إلى جنب في سلام وازدهار. إنني أتطلع إلى الترحيب بالرئيس إسحاق هرتزوغ في الكونجرس من أجل إلقاء الخطاب المشترك “.
..والديمقراطيون يخوضون معركة داخلية حول ما إذا كانت إسرائيل دولة عنصرية
من جهة ثانية، من المألوف للمراقبين في العاصمة الأميركية ، واشنطن، أن يسمعوا انتقادا من سياسي في الحزب الديمقراطي ينتقد إسرائيل لانتهاكاتها لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين ، كما أن من المألوف أيضا أن ير المراقبون زوبعة تأفف واحتجاج قوية ، ليس فقط من الجمهوريين، بل من المؤسسة السياسية للحزب الديمقراطي، تنقض على من تجرأ وانتقد إسرائيل.
وكانت النائبة الديمقراطية، براميلا جايابال (من ولاية واشنطن في غربالولايات المتحدة) آخر ضحية لهذا النمط بعد أن وصفت دولة عنصرية” الأسبوع الماضي.
وقد أدلت جايابال، وهي واحدة من من مجموعة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، من ما يلقب ب”الفرقة” بهذه التصريحات خلال عطلة نهاية الأسبوع ، في مؤتمر Netroots Nation التقدمي في مدينة شيكاغو ، قبل خطاب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ المتوقع أمام الكونجرس يوم الأربعاء.
وكان رفاق جايبال في “الفرقة”، النائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز (من ولاية نيويورك) والنائبة إلهان عمر (من ولاية مينيسوتا) والنائبة كوري بوش (من ولاية ميزوري)، والنائبة رشيدة طليب (من ولاية ميشيغان) قد أعلنوا بالفعل إنهم سيقاطعون خطاب رئيس إسرائيل هرتسوغ ، بينما النائب جمال بومان (من ولاية نيويورك) إنه “ربما لن يحضر” خطاب هيرتسوغ.
وقالت النائبة جايابال (من أصول هندية) لمجموعة من النشطاء في المؤتمر ، الذي أطلق آلة الغضب في واشنطن: أن “الشعب الفلسطيني يستحق تقرير المصير والحكم الذاتي”.
وكان رد الجمهوريين متوقعا، حيث شنوا هجوم لاذع على النائبة جايابال وزملائها التقدميين ، كما أن كلمات جايبال أثارت إدانة بعض الديمقراطيين إلى جانب الجمهوريين في إدانة عضوا منهم ، كما فعل رئيس الأقلية الديمقراطية ، حكيم جيفريز (من ولاية نيويورك).
يذكر أن جايبال رددت ما كانت قد صرحت به كل من “منظمة العفو الدولية”، ومنظمة “هيومان رايتس ووتش” ومنظمة “بيتسليم” الإسرائيلية.
واضطرت جايابال للتراجع عن بيانها يوم الأحد ، أي بعد كلمتها في شيكاغو، بيوم واحد، علما بأنها استمرت بوصف الحكومة الإسرائيلية بالحكومة “اليمينية المتطرفة” ، التي “انخرطت في سياسات تمييزية وعنصرية صريحة”.
وقد أصر قادة الحزب الديمقراطي في مجلس النواب حكيم جيفريز (ولاية نيويورك) والنائبة كاثرين كلارك (ولاية ماساشوستس) والنائب بيت أغيلار (ولاية كاليفورنيا) والنائب تيد ليو (ولاية كاليفورنيا) في بيان مشترك يوم الأحد على أن “إسرائيل ليست دولة عنصرية”. وأضاف البيان :” بالتأكيد ، هناك أفراد من الائتلاف الحاكم الإسرائيلي الحالي نختلف معهم بشدة. هذا هو الحال أيضًا فيما يتعلق بالبعض على الجانب الآخر من الممر الذين نخدم معهم في كونغرس الولايات المتحدة”.
يذك أن جيفريز وصف الرئيس السابق دونالد ترامب الذي تم عزله مرتين ووجهت إليه اتهامات مرتين بأنه “مدافع مع سبق الإصرار عن العنصرية” و “مسؤؤل العنصريين في البيت الأبيض” كما أن الديمقراطيين اعتبروا “التطرف الجمهوري المحافظ” خطرا على ديمقراطية الولايات المتحدة، بل وتهديد أساسي لمكانة أميركا كدولة ديمقراطية. ولكن عندما يتعلق الأمر بإسرائيل في مجالات التشابه، يتراجع الديمقراطيين ويطالبون بتخفيف النبرة مهما كانت فاترة في الحديث عن العنصرية الإسرائيلية.
يذكر أن رئيس الأقلية جيفريز، والنائبة كلارك والنائبين أغيلار والنائب تيد ليو ، من المقربين لمنظمة اللوبي الإسرائيلي “اللجنة الأميركية الإسرائيلية للعلاقات العامة-إيباك” ، ويعتبرون من المستفيدين الكبار من دعم اللوبي الإسرائيلي.
وتقر إسرائيل بعنصريتها حيث قالت الحكومة الإسرائيلية نفسها إن سياستها الإرشادية الرئيسية هي أن “للشعب اليهودي حقًا حصريًا لا جدال فيه في جميع مناطق أرض إسرائيل” – وهو الأمر الذي تصنفه المؤسسات الدولية المختصة بالتمييز العنصري .
وقد أدانت منظمات “هيومن رايتس ووتش”، و “منظمة العفو الدولية”، ومنظمة “بيتسلم ” ، إسرائيل بسبب عنصريتها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان وأنظمة الفصل العنصري، وهي منظمات يهب هؤلاء النواب أنفسهم بالدفاع عنها ، بشكل روتيني. ومع ذلك ، عندما يتعلق الأمر بإسرائيل ، فإن أي سياسي يردد مثل هذه المخاوف بصراحة يتم مهاجمته على الفور.
(المصدر “القدس” دوت كوم صحيفة القدس (alquds.com))