حسناً فعلت مديرية ثقافة حمص حين أعلنتها بكل صراحة بأن حفل كورال كاردينيا وأصدقاءه “ما أحلى أن نعيش شارات أغاني الكرتون”، مخصص للكبار فقط لإزالة اللبس الذي ولده العنوان، والذي جعل البعض يعتقد بأن الحفل موجه للأطفال، ليغدو بمثابة رحلة في الذاكرة لأجيال ترعرعت على شارات مسلسلات الأطفال في ثمانينيات القرن الماضي، وليشكل فرصة لنسيان تراكمات عقود من التعب في رحلة الحياة تبدأ بصعاب العيش ولا تنتهي عند حرب طاحنة ما زالت تبعاتها تتعبهم ليبحر الجمهور الذي غص به مسرح دار الثقافة، ولم تتسع حتى أدراجه للساعين إلى الغوص في أعماق ذاتهم في رحلة بحثهم عن كنز طفولتهم المفقود، على أنغام كورال أجاد وأبدع في خلق مساحات فنية تحترم عظمة تلك الأعمال بقيادة المايسترو غادة حرب، عبر توليفة من كورال أرجوان وكورال تناغم وطلاب المعهد العالي للموسيقى، في محاولة لترسيخ قيم المحبة والسلام والفن والجمال، ومنها اتخذ شعار ”ما أحلى أن نعيش في حب وسلام”، للتذكير بما كان يعيشه أطفال تلك الحقبة رجال اليوم من راحة وعفوية وبراءة.
فتح كورال غاردينيا والأصدقاء أبواب ذاكرة ومشاعر الحضور مع شارة إفتح يا سمسم بما تحمله شخصيات العمل من قيم أخلاقية وجمالية، وسافروا مع ساندي بيل في رحلة بحثها عن والديها ولمّ شمل الأسرة بمغامرات جميلة، على أمل لم شمل أبناء وطن شتتتهم الحرب بين مفقود ومهاجر وراحل بات ذكرى، ومع ريمي غنوا كأصدقاء بفرح يقطعون الدروب، وفي عمق البحر بحثوا عن كنزهم المفقود ما وراء البحار التي ابتلعت من السوريين فلذات أكبادهم الباحثين عن السعادة، كبحث بيل وسبستيان عن الجمال في جبال أوروبا التي قطعتها أفواج أبناء وطن لم يعد يتسع لأحلام أبنائهم، وبات من الصعب أن يعيش أبناؤه في خير وسلام كما حلموا مع سنان وأصدقائه. فالخير للجميع والحب للجميع تلك الدعوة الطفولية باتت في عهد الحروب والتكنولوجيا ميلاً لدى الأطفال إلى العنف والتفرد.
حرب
وعن قدرة الموسقى على إخراج الأطفال من تبعات الحرب تقول المايسترو غادة حرب “الموسيقى والغناء قادرة على صناعة الفرق وتعيد لكل إنسان الخير الذي بداخله. فالإنسان مهما ابتعد عن ضميره يعود لما زرع فيه عبر شرارة الموسقى والغناء”.
بدوره اعتبر إسكندر يشوع قائد كورال أم الزنار بأن الفن يحمل رسالة سامية وتحديداً الموسيقى وتابع بالقول “ضمن الموسيقى سواء للصغار أو للكبار هناك هدف ورسالة بنشر السلام، حيث تمكّن كورال غاردينيا والأصدقاء من تقديم ذاكرة موسيقية مفعمة بالمعاني السامية بتوزيع جديد إحترافية في الغناء والموسيقى”.
تسلاكيان
المايسترو اللبناني بركيف تسلاكيان قائد كورال الفيحاء في مدينة طرابلس، اعتبر أن الموسيقى سيف عظيم لمحاربة الشر، فليس هناك إنسان لا يحب الموسيقى وخاصة الغناء الجماعي القائم على توحيد الأصوات بين المشاركين وهو ما يحمل مفهوم التضحية بالفوارق بين الأصوات التي وهبها الله للبشر وهو ما يتطلب جهداً كبيراً من أفراد الكورال. ومجرد ما تبدأ التضحية بين الأفراد تظهر المحبة بشكل فوري ويعم السلام الحقيقي دون كلام وتبدأ مرحلة بناء الصداقات، ومن هنا تكمن أهمية الموسيقى كسيف لمحاربة كل أنواع الإرهاب والشر”.
أبناء الجيل الذي لطالما ردد مع ساسوكي “قم ضع يدك في يدي نحمي غدك وغدي نفتدي أرضنا بالدماء نفتدي”… اختبر ما تربى عليه وقدّم الدماء للقضاء على الشرور ولنشر السلام على أمل أن يحيا بزهو وسرور بحب وئام ..
تأسس كورال “غاردنيا” عام ٢٠١٦ ويتكون من ١٧ صبية في ما حل ١٢ شاباً و١٧ موسيقياً كضيوف من أصدقائهم كورال “تناغم” وكورال المعهد العالي للموسيقا.