د. شوقي يونس
كل الامور في المنطقة تتجه الى التصعيد بين المحور الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية والمحور الشرقي بقيادة الصين. ولأن الاشتباك المباشر مكلف جدا للجميع. يتجنب الجميع الوصول لحالة مواجهة واشتباك مباشر. وبالتالي كل السيناريوات المطروحة هي تصعيد عبر الأطراف وخلق ساحات اشتباك، لعرقلة إنتاج مشروع الرياح الشرقية ومشروع الحزام والطريق ومشروع تشكيل نظام مالي بديل، يجعل تعدد الاقطاب أمراً واقعاً.
هذا الأمر سينسحب على شكل مواجهات. بين المحورين عبر أدواتهم. بكل بقاع الدنيا. حيثما يمكن تحقيق ذلك.
هو ما يحصل اليوم في اوكرانيا. ونرى رد الفعل الأميركي والغربي الحاد تجاه روسيا. والذي هو تعبير عن مدى خوفهم وقلقهم. من أن أي انتصار تحققه القوات الروسية. سيعزز الشعور بالقدرة لدى هذا المحور بأنه يستطيع التصدي للمحور الغربي ويزيد ثقته بقدراته الدفاعية. وبالتالي سيذهب الى تصعيد آخر. لكنه لن يكون عسكرياً هذه المرة بل اقتصادي ونقدي على الأكثر. أي إنتاج وتكريس نظام تعاملات مالي. بين مجموعة كبيرة من الدول الكبرى وبنوكها المركزية. والتي سيتبعها العديد من الدول الصغيرة. وتتحول الى محور كبير، مالي عالمي ومركزي لهذه المجموعة. واقتصادي كبير نظراً لحجم الاقتصادات المتحالفة معه. وهو ينذر بإسقاط هيمنة الدولار عن سدة التحكم بالنظام النقدي العالمي اي نظام السويفت، باتجاه نظام تبادلي مالي تجاري آخر. له مركزية أخرى. وهو مستقل تماماً عن النظام المالي الحالي ولا سلطة له عليه …
إن سلطة وهيمنة الدولار كعملة مركزية دولية نابعة من اساس اقتصادي قوي وهو مشروع البترو- دولار، اي ان الدولار هو العملة الاساسية للتعاملات الدولية لشراء وبيع منتجات الطاقة العالمية والتي تعتبر اهم ركيزة تجارية لقوة الدولار.
إن أميركا تطبع مليارات الدولارات وتضخها بالنظام المالي العالمي. من دون اي قيمة أساسية لها. وهي عندما تحولها الى التعاملات البينية تأخذ قيمتها، كبديل تبادلي للسلع الحقيقية، وبالتالي هي تراكم الثروات الخيالية. وتتحكم بسعر الفائدة على الدولار. والذي بدوره يتحكم بحركة النقد العالمي.
إذا خرجت فنزويلا وايران والبرازيل والهند والصين وروسيا والاتحاد الروسي والسعودية وجنوب افريقيا ولاحقا العديد من دول وسط آسيا… من نظام البترو-دولار، باتجاه نظام بديل، سيشكل هذا الأمر هزة عنيفة لثقة الدول بالدولار كعملة مركزية وحيدة، وبالتالي سينعكس هذا الأمر على قيمته والثقة به وسيلحق به اليورو طبعاً.
فعلا هو امر خطير جدا ما تواجهه أميركا ،وبالتالي يجب أن نفهم أنها ستقوم بردود فعل خطيرة تتناسب مع حجم التهديد الوجودي لها، كقائدة العالم.
من ردود الفعل المتوقعة هو إثارة اضطرابات. في المنطقة العربية بواسطة “اسرائيل”. نستطيع التفكير باحتمالاته. لكن ليس بنتائجه …
في خضم المعامع الكبرى لا ضمان للدول والشعوب الا قوتها الذاتية، وحيث ان قوتنا الذاتية متواضعة كدول، امام التحالفات الغربية الاستعمارية الضخمة، فإن نتيجة اي مواجهة مقبلة محسومة لصالح التحالف الغربي، الا اذا سعى القادة الى تأسيس تحالف عريض. يشكل صمام أمان لكل دول المنطقة، تجاه أي تحديات او أخطار.
ملك الأردن عبدالله الثاني. استشعر الخطر باكراً. وسعى ويسعى لتشكيل حلف عربي عسكري لمواجهة مثل هذه التداعيات. وسمى مشروعه بـ “الناتو العربي”. ويضم الأردن ومصر والسعودية كدول مؤسسة له. وسيسعى لضم العراق وسورية لتحقيق الحجم الرادع والعمق الاستراتيجي. فكلما كانت القوة أكبر والجغرافيا أوسع. وعدد السكان أعظم، كانت المخاطر لمواجهتها اكبر.
وبالتالي تكون هناك إعادة حسابات لكل من تسوّل نفسه الاحتكاك مع قوة مهابة ومحترمة من هذا النوع. هذه القوة ستسعى لضم إيران وتركيا لها لتصبح منيعة، إن حصل ذلك. وهي ستتحول الى مغناطيس يجذب كل الدول الأخرى في المنطقة للانضمام الى هذا التحالف، وبالتالي حماية نفسها ومستقبلها. وطبعاً يصبح من الأكيد أن يحصل تحالف كهذا على دعم القوى العظمى. وبالتالي لا يعود تفصيلاً صغيراً في مهب رياح التغيير
اعتقد ان هذا التفكير هو تفكير سليم ومنطقي وعملي وفعال في ردع مخططات جهنمية مقبلة الى المنطقة.
هذا الحلف انطلق أساساً الكلام به من أجل تشكيل قوة مواجهة لإيران (انظر رعاك الله) وأطماعها في المنطقة. اليوم، هذا الاتجاه يصح استعماله لمواجهة “اسرائيل” وأطماعها في المنطقة …
هل من يسمع ويعي ما نقول …
اللهم اني بلغت اللهم فاشهد.