أحيت «مؤسسة إنعام رعد الفكرية» الذكرى 25 لوفاته بـ«ندوة آذار الفكرية»، تحت عنوان «حرب وجود لا حرب حدود»، وهو الكتاب الذي أصدره عام 1979، حول الصراع مع العدو الصهيوني.
افتتح الندوة وقدمها د. عادل بشارة، وحضرها متابعو الشأن الفكري والسياسي والاستراتيجي، فأكد بشارة على أهمية المفكر إنعام رعد في قراءة الأحداث القومية والدولية، وتقديم رؤى وخطط لها، وأخذ منه المشروع الصهيوني المتابعة الدائمة، وطرق مقاومته وسبل هزيمته.
خواجة
وتحدث النائب محمد خواجة، فأشار إلى التحديات التي يواجهها الكيان الصهيوني المزعوم، وعرض لأبرزها وهي التفكك في المجتمع، والانقسام السياسي بيني تيارين ديني وعلماني، والانهيارات التي تحصل في المؤسسة العسكرية، والتي عليها تأسست إسرائيل على فكرة «الثكنة».
عبد العال
وتبعه القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مروان عبد العال الذي سلط الضوء على نموذج خاص يوقظ الذاكرة، كمفكر قومي لا يكتب عن السياسة بل يكتب السياسة لأنه في قلب الصراع وليس خارجه، وهو المفكر إنعام رعد الرؤيوي الذي شغلته فلسطين.
وتحدث عبد العال عن الخطر الوجودي لـ”إسرائيل”، ككيان متحول كما يسميه إنعام رعد، وهذه مسألة يجب أن لا تغيب عن الفكر السياسي، لأن القلق الوجودي يتفاقم مع ما سمي بـ«انهيار العهر»، وتآكل الثقة بالمؤسسات القضائية والعسكرية والخدمية والاقتصادية وانفصال حقيقي بين المجتمع والدولة.
زيتوني
ثم تكلم العميد المتقاعد وليد زيتوني، فأشار إلى أن إنعام رعد لم يساو بين الفكر والسياسة، وإن أبدع في الاثنيين معاً، بل جعل السياسة تتحرك ضمن الحقل الفكري للمعلم أنطون سعاده، وضمن الضوابط المرسومة للأهداف العليا، لكنه وفي الوقت نفسه أخرج العقيدة من “الطابو المحرم والحرفية المميتة، والجزويتية القاتلة عند البعض، إلى رحاب المرونة المتكيّفة مع الممكن وصولاً إلى إحقاق الحق القومي في الوحدة والتحرير”.
أضاف: لقد كثف رعد من كتاباته ونقاشاته حول ضرورة اعتماد المقاومة في حربها التحريرية على المدى الجغرافي للأمة السورية في المواجهة ومساندة المدى العربي لتحقيق النصر.
فياض
وأكد د. زهير فياض في كلمته على أنه في هذا اليوم الذي نحيي ذكرى وفاة إنعام رعد، فهو لدليل دامغ على قوة حضوره في الذاكرة القومية وفي الوجدان الحزبي وفي البعد الفكري الذي جسّده في دينامية الفكر القومي الاجتماعي وشمولية أطروحة فكر أنطون سعاده الزعيم والمعلم الأول.
أضاف: أهمية إنعام رعد تتجسّد في ترسيخه نهج المفاعلة بين العقيدة وبين الحدث، وهذا ما أسس لمنهج علمي تحليلي رؤيوي للأحداث والتطورات.
فضل الله
وتحدث الدكتور عبدالحليم فضل الله رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، من خلال قراءة راهنة من منظور استراتيجية للمقاومة في حرب وجود لا حرب حدود، فشدد على أهمية اقتصاد مقاوم، يقوم على الإنتاج، وإلى نشوء حاضنة في المجتمع من أسسها تأمين العدالة الاجتماعية، والتركيز على القوة كعامل استراتيجي ليس في ردع العدو؛ بل منعه من التوسع والاستيطان وإسقاط مشروعه في قيام دولته المزعومة «إسرائيل الكبرى».
رزق
وقدمت الدكتورة هدى رزق، كلمتها بعنوان “حرب الوجود بوجه التطبيع”، فأكدت على أن الحرب مع الكيان الإسرائيلي لم تكن يوماً حرب حدود، لأن الصهيونية نشأت على مشروع التوسعية والاستعمارية، ولم تستقر في دولة وإن احتلت فلسطين، فكان التطبيع الأول مع دولة الكيان عبر اتفاقية «كامب ديفيد» الذي أخرج مصر من اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وتبع ذلك اتفاق أوسلو ووادي عربة، وقد تمكنت المقاومة في لبنان من إثباث قوة الردع بوجه العدو الإسرائيلي وهي البديل عن اتفاقات الذل والعار، حيث أنهت الشعوب العربية أحلام التطبيع.
وكانت كلمة للناشط في ميدان مقاطعة “إسرائيل” د. عبدالملك سكرية الذي أشار إلى أن التطبيع من أخطر مشاريع التصفية التي تتعرض لها القضية الفلسطينية سواء عبر التطبيع السياسي، بالقبول بالكيان الصهيوني أو التطبيع الاقتصادي، الذي ألغى قانون المقاطعة الذي أقرّته جامعة الدول العربية عام 1955، الذي سمح للشركات الإسرائيلية بالتوسّع في بعض الأسواق العربية، لكن يبقى الأخطر هو التطبيع الثقافي والإعلامي والتربوي، وهو إلغاء للذاكرة، وتزييف للوعي وإخضاع العقل العربي وصهينته.
سمعان
والختام كان مع الدكتور أسامة سمعان الذي أشار إلى هاجس إنعام رعد الفكري في مسألة الصراع مع العدو الصهيوني، وهو كان داعية بإلحاح إلى قيام جبهة شمالية تضم العراق والأردن والشام ولبنان، وجبهة جنوبية تضم مصر والسودان، داعياً إلى إنشاء جيش عربي اتحادي واحد من الدول التي ليس لها حدود مع الكيان الصهيوني.
وأشار سمعان إلى دعوة رعد للتصنيع العسكري، كما تحدث عن دور للجيش والمقاومة في لبنان، انطلاقاً من التجربة الفييتنامية.