البروفسور ماغي عبيد*
ما أن تدخل معرض الفنانة خولة الطفيلي حتى تجد الحياة اليومية المعاشة ببساطتها وعفويتها، فتشعر أنك أمام محترفة تنقل إليك الحِرَف التراثية اللبنانية من الخياطة، إلى التنجيد، إلى الوراق الذي يبيع الكتب على قارعة الطريق، إلى بائع الزهور، إلى النساء اللواتي يجتمعن على فنجان قهوة.
تبدو خولة وكأنها تريد القبض على هذا الزمن الجميل بذكرياته الدافئة وذاكرته الأصيلة وتودّ عدم الانفلات من جمالية هذا الحنين.
ترى في هذه اللوحات خولة الطفلة الباحثة عن ذاتها، الساعية لأن تقبض على سيرورة الحياة ومسارها محوّلة الزمن إلى لحظات وجودية مفعمة بالألق والفرح، ولشدّة حرصها على ذاكرتها البريئة وعشقها للحظات الزمن تحاول تأطير لوحاتها بمربعات صغيرة الحجم وكأنها تريد أن تحوّل المطلق الزمكاني إلى لون يجسّد الواقع المعيش بفينومينولوجية بنائية عمادها الشفافية والصدق.
تستوقفك إحدى لوحاتها لدرجة ترى السمكة وكأنها ستخرج لتلامس يدك.
هي خولة الفنانة الهادئة التي تستطيع ببساطتها ورقيّها أن تنقلك إلى عالم يضج بالحياة والفرح، بألوانها الزاهية المتأرجحة بين الأزرق الغامق والأحمر القاني، فتجد ذاتك وكأنك روض من رياض الجنة.
بوركت أيتها الجميلة، وبوركت ريشتك وألوانك الزاهية العامرة بالحب والسلام.
*أستاذة جامعية من لبنان.