د.عمر شبلي**
كنت أشعر بكبرياء انتمائي الوطني والعروبي يوم قرأتُ في بغداد العروبة على لائحة عالية “شارع كمال جنبلاط”..
كنت أقول إنّ هذا الرجل الكبير هو أوسع من الجغرافية التي تضع حدوداً للرجال. كمال جنبلاط كان عربياً بامتياز بمقدار كونه أرزة لبنانية راسخة الجذور في قممنا العالية. نعم كان قمة في لبنان وفي كل أنحاء الوطن العربي. وكان قائداً إنسانيا كبيراً حياً وميتاً يوم قالت الصحافة الفرنسية: إن اغتيال كمال جنبلاط إهانة للمستقبل. كان وجود رجل بمستوى كمال جنبلاط ضرورة إنسانية لاستمرار المعلم. كمال جنبلاط كان معلماً أبعد من أن يُحَدَّ بالسياسة. كان معلماً بالمعنى الأرقى لهذه الكلمة الجامعة لكل صفات النُبْل التي يجب أن تتوفر في الإنسان.
حضرتُ مهرجان تكريمه في الأونسكو ومنحِهِ وساماً سوفياتياً من الدرجة الاولى من الأوسمة التي تُقدَّم للكبار على مستوى الإنسانية.
ما زلت أذكر يومها كلمة المرحوم غسان تويني صاحب جريدة النهار، والتي قال فيها مخاطباً كمال جنبلاط: يا حليفي حيناً وخصمي حيناً وصديقي في كل الأحيان. كان هذا الكلام يعني أن الصفات العالية في هذا الرجل العظيم هي أعلى من أن تُحَدّ.
كان كمال جنبلاط رئيس الحركة الوطنية دون أن يُقرّ الحرب الأهلية وكان غير قابل لها، وكان ذا حضور عالٍ حتى في وجدان خصومه ولا أزال أذكر الحزن الذي غمر لبنان يوم رحيله.
أذكر كمال جنبلاط وهو يتجه إلى السفارة المصرية مطالباً القائد العربي جمال عبد الناصر بالعودة عن استقالته والاستمرار في قيادة معركة الأمة سنة ١٩٦٧ بعد حرب حزيران.
لقد اعتبرته المقاومة الفلسطينية شهيدها وهو يحمل القضية الفلسطينية كيفما اتجه.
كمال جنبلاط جعل لبنان أوسع من الجغرافية.
سيبقى كمال جنبلاط حياً في قلوبنا جميعاً وسيبقى حاضراً كجبل الباروك وسيبقى الإنسان الذي هو أبعد من الموت دائماً.
* كتبت في يوم الخميس 16/3/2023/.
**شاعر مبدع وأستاذ جامعي من لبنان.