نقولا أبو فيصل*
الارتجال هو مصيبة الدبلوماسيّة التي تعد في أساس تعريفها أنها وسيلة لإجراء المفاوضات بين الأمم، ويطبّق اليوم هذا التعبير على الخطط والوسائل التي تستخدمها الدول في التفاوض الذي يتضمّن صياغة السياسات التي تتبعها الأمم لكي تؤثّر في غيرها. نعم ارتجال بعض المواقف هو مصيبة تسقط رجل الدولة في وحول الأخطاء فتشتعل مواقع التواصل الاجتماعيّ المندّدة بقراراته وتصريحاته المتسرّعة، ولنا تجارب سيّئة في هذا السياق؛ ومع المعذرة سلفاً من البعض، فالفرق بين وزراء اليوم ووزراء الأمس هو في المستوى الثقافي الذي كان يسمح أو لا يسمح لوزير الخارجيّة بالارتجال، ونصيحتي لبعضهم التقيد بنصائح مستشاريهم!
وفي العلوم الدبلوماسيّة يجب أن يكون الدبلوماسيّ شخصاً ذكياً بحيث يعرف كيف يتعامل مع الأشخاص الآخرين ويُجيد التعاطي والتعامل مع من حوله، كما يجب أن يكون شخصاً لا يؤذي مشاعر الغير ويمتلك أسلوب حوار راقٍ وذكي جداً بحيث يستطيع من خلاله حلّ أي خلاف مهما كان كبيراً بينه وبين الآخرين بسهولة، وعادةً ما يكون الدبلوماسيّ شخصاً محبوباً ومحترماً من قبل الجميع، فهو كما وصفه الرئيس الأميركي نيكسون أنه: “شخص يتّصف بالمصداقيّة والدقة والهدوء، والمزاج والصبر والتواضع والإخلاص”. وهذه صفات جميلة يتمتّع بها الحمدللّه السواد الأعظم من الدبلوماسيّين اللبنانيّين في العالم وأنا واثق مما أقوله.
واذا كانت وزارة الخارجية اللبنانية قد اختصرت في نفقات السفر والإيجار وتمّ خفض ١٨ مليون دولار من موازنة الوزارة البالغة ٩٥ مليون دولار، كما تقول! إلّا أنّ ذلك غير كافٍ والأجدى إقفال مقارّ بعض البعثات الدبلوماسية غير المنتجة من سفارات وقنصليات “لزوم ما لا يلزم” ولست هنا للتنظير إنّما لا يجوز للتجاذبات السياسية الولوج الى هذا الملف بحجة مراعاة التوازن الطائفيّ، الى ذلك فإنّ عودة وزارة الخارجية اللبنانية عن قرارها بعدم رغبتها الاستمرار في التجديد للملحقين الاقتصاديين العاملين في بعض السفارات اللبنانية في نهاية أيلول المقبل، ناضل تجمّع الصناعيين في البقاع كثيراً من أجله، وكل الشكر لسرعة التجاوب طالما أن كلفة بقائهم هي 2% من مجمل مستحقّات البعثات اللبنانية الى الخارج فلا يجوز الاستمرار في جلد الذات!
*اقتصادي بقاعي.