كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: “مياومو” السياسة، في صالونات التنظير عن بُعد، يتصرفون جميعُهم بمنطق “عنزة ولو طارت”، ويحسبون الناس في جيبهم غبّ الطلب، ويرفعون أوهام القدرة على أخذ البلاد وفق ما يشتهون على طبق مصالح الآخرين، وهُم على يُمنة الصراع ويساره، قد أعموا بصيرتهم كما أبصارهم عن واقع مُرّ أليم لم تعد تقوى على تحمله طاقات اللبنانيين التي استنزفها صراع المصالح الكبرى على أرض لبنان.
وفي مقابل هؤلاء من حَمَلَة شهادات العمل الاستراتيجي في تفاهمات واتفاقات ثنائية أو باطنية، يجهد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بحكمة وواقعية وتجرّد، في مقاربته المختلفة من منطلق إدراكه لما هي البلاد فيه من أزمات. وبدل ملاقاته في صوت العقل الذي رفعه شعاراً ومارسه عملاً، يأتي من ينتقد مقاربته هذه، رغم ادراكهم العميق أنهم بملاقاتهم لمثل هكذا مقاربة تُقدم الحرص المطلق على حفظ استقرار البلاد وأمن الناس وكرامتهم على كل مصلحة أخرى، تبقى الدولة بمؤسساتها.
وفي هذا السياق تؤكد مصادر قيادية في الحزب التقدمي الاشتراكي أن “جلّ ما يهمّه جنبلاط تسوية وطنية شريفة تقوم على حوار عادل متوازن تفتح الطريق إلى قصر بعبدا. وهو لذلك لن يكلّ في مساعيه لأجل حوارٍ صادق يعيد الأمل بنهضة المؤسسات بدءًا برمز وحدة الدولة الذي يمثله موقع رئاسة الجمهورية، الحريص جنبلاط عليه أكثر ممن يدعون الحرص عليه من باب المزايدات الطائفية أو الحسابات الشخصية الرئاسية”
وتشدد المصادر نفسها على أن “قيادة التقدمي لن تتوقف عند محاولات، مقصودٌ بعضها، وبعضها الآخر ينم عن غياب التبصر، تهدف في ما تهدف إليه إلى التعكير على حرص “التقدمي” وتركيزه على ضرورة البحث الجاد بين كل الأطراف دون استثناء، عن السبيل لإنجاز استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية، وفتح مسار انطلاق العمل المؤسساتي، لكي تبدأ الإجراءات الإصلاحية الضرورية لمعالجة التفاقم الاقتصادي والاجتماعي المخيف”. وتختم مصادر “التقدمي” بالقول: “مَن كان صعبٌ عليه فهم كل هذا الحرص العقلاني، من الطبيعي أن يسير في السياسة على قاعدة يوم بيوم”، آملةً في مقابل ذلك أن “نصل في يوم قريب إلى تلاقي جميع اللبنانيين على مصلحة بقاء الدولة، التي هي وحدها كانت ولا تزال معيار تلاقينا مع أي فريق سياسي، اختلفنا في اليوميات أو اتفقنا”.
وفي غضون ذلك تتجه الأنظار هذا الاسبوع إلى انعقاد جلسة مجلس الوزراء يوم غد الأربعاء بعد إزالة كل المعوقات من أمامها، والتأكيد على تأمين النصاب من قبل معظم الوزراء ما عدا وزراء التيار الوطني الحر.
وقد كان لافتاً في سياق المياومة السياسية المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الطاقة وليد فياض، حيث عرض لخطة “مكهربة” قلّص بموجبها ساعات التغذية التي كان وعد بها منذ ثلاثة أشهر من 10 ساعات الى 4 ساعات، مقابل مطالبته مجلس الوزراء بإعطائه سلفة مالية مسبقة. والغريب أن فياض طالب مجلس الوزراء بالموافقة على السلفة، لكنه أعلن رفضه المشاركة في جلسة الغد، في انفصامٍ من الصعب فهمه.
مصادر وزارية علّقت على موقف وزير الطاقة عبر “الأنباء” الإلكترونية بالقول: “الضيوف بداره والمفتاح بزناره”، سائلة عن الأسباب التي تمنع الوزير فياض من حضور جلسة مجلس الوزراء وطرح خطته للمناقشة، فإما أن يؤخَذ بها أو يتم تعديلها.
وزير العمل مصطفى بيرم أكد في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية اجتماع مجلس الوزراء غداً الاربعاء وتأمين النصاب اللازم لعقده، متوقعاً إقرار سلفة الكهرباء بعد مناقشتها بهدف تشغيل المعامل المتوقفة وتأمين الكهرباء للناس.
أما نائب الجماعة الإسلامية عماد الحوت، فقد رأى أنه أمر طبيعي أن تجتمع الحكومة لتصريف أعمال المواطنين، متوقعاً في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أن “تقرّ سلفة الكهرباء بشروط”، معلّقاً على المؤتمر الصحافي لوزير الطاقة بالقول: “كان يجب أن يكون هناك تعهد بتحسين الكهرباء لأنه من غير المقبول أخذ المواطن رهينة بعد اليوم”.
بدوره، أكد عضو تكتل الجمهورية القوية النائب نزيه متى في حديث مع “الأنباء” الالكترونية أن “القوات اللبنانية مع فكرة أن يتم تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق”، واصفاً ما جرى في ملف بواخر الفيول بأنه “هدر للمال العام، فبدل أن يستبقوا مجيء البواخر بصرف الاعتمادات، فعلوا العكس، مما ضاعف كلفة شراء الفيول والغاز أويل”.
ورأى متى أن استمرار هذا الأمر سيوصل حتماً الى اشتباك سياسي، معتبراً أن خطة وزير الطاقة الجديدة “تحايل على الناس، وما تضمنه مؤتمره الصحافي بعيد عن الواقع للتذرّع دائماً بأنهم ما “خلّونا”، وهذه مراهقة سياسية واستخفاف بعقول الناس”، داعياً الى انتخاب رئيس للجمهورية “يخرجنا من هذه المهزلة”.
وفي السياق الرئاسي، توقع النائب الحوت بدوره أن تكون جلسة المجلس النيابي المقررة الخميس استكمالاً للجلسات السابقة “لأن خيارات انتخاب رئيس الجمهورية لم تنضج بعد، لأننا للأسف تعوّدنا ربط أمورنا الداخلية بتداعيات الخارج، فالحوارات الاقليمية اقتربت من الوصول الى تسوية لكنها لم تصل الى التسوية النهائية كي تنعكس إيجاباً على الملف الرئاسي”.
إذاً، العين على السراي الحكومي غداً وعمّا إذا كانت الجلسة المرتقبة ستمنّ على اللبنانيين بساعات الكهرباء الموعودة، حتى ولو كانت أربعة فقط، لأن جهنم التي نعيش فيها جعلت من المواطن يعتبر أن ساعة الكهرباء الواحدة بمثابة الإنجاز.
(الأنباء)