أعلنت وزارة الطاقة السورية تعديل قيمة الاستهلاك الكهربائي المنزلي للقواطع، إذ سيُحدّد الاستهلاك بـ400 كيلو واط ساعي لكل دورة، بدلاً من 800 كيلو واط ساعي المعتمدة سابقاً. ويأتي هذا القرار في إطار جهود الوزارة لضبط الاستهلاك المنزلي للكهرباء وتخفيف الضغط على الشبكة الوطنية، في ظل التحديات المتزايدة على قطاع الكهرباء السوري.
وبحسب الوزارة، فإن التسعيرة الجديدة، وفق القرار الصادر مساء أمس الأحد، تعتمد على تقسيم الاستهلاك إلى شريحتين، بحيث تُحسب أول 300 كيلو واط ساعي بسعر 600 ليرة سورية لكل كيلو واط، بينما تُحسب الـ100 كيلو واط ساعي الباقية بسعر 1400 ليرة لكل كيلو واط. وبذلك، تصل قيمة فاتورة الكهرباء للقاطع الكهربائي الواحد إلى نحو 320 ألف ليرة سورية (نحو 29 دولاراً) للدورة الواحدة، في حال استهلاك كامل الـ400 كيلو واط ساعي المقررة. وأوضحت أن الهدف من هذا التعديل هو تحقيق توازن بين تمكين المواطنين من الحصول على الكهرباء اللازمة للاستخدام المنزلي، وفي الوقت نفسه الحد من الاستهلاك المفرط الذي يضغط على الشبكة الكهربائية، خاصة خلال أوقات الذروة.
وأكدت أن تحديد الاستهلاك على 400 كيلو واط ساعي يمثل خطوة أولية ضمن مجموعة من الإجراءات المزمع اتخاذها لتحسين كفاءة الطاقة وتقليل الهدر الكهربائي، إضافة لعدم توفر العدادات الأحادية الطور ولحسن تطبيق قرار التعريفة الجديدة النافذة منذ أول نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الذي يدعو إلى توحيد طريقة العمل في الشركات العامة للكهرباء في المحافظات لجهة تقدير كمية الكهرباء المستهلكة من قبل المشتركين على التوتر المنخفض لأغراض منزلية والذين لم تتمكن الشركات العامة للكهرباء من تركيب عدادات أحادية لاشتراكاتهم.
بدوره رأى الخبير الاقتصادي الدكتور هاني العمران أن القرار يحمل في طياته إيجابيات وسلبيات، موضحاً أن الحد من استهلاك الكهرباء سيساهم في تخفيف الضغط على الشبكة الوطنية، لكنه أشار إلى أن الأسعار الجديدة لا تزال مرتفعة بالنسبة لشرائح واسعة من المواطنين، خصوصا الأسر التي تعتمد على الكهرباء بشكل أساسي في التدفئة والتبريد والأجهزة المنزلية.
وأضاف العمران لـ “العربي الجديد” أن تعديل الاستهلاك على 400 كيلو واط ساعي قد يحفز بعض الأسر على ترشيد الاستهلاك، لكنه لن يحقق تخفيفاً كبيراً في فاتورة الطاقة إلا إذا صاحبته إصلاحات أوسع في قطاع الكهرباء، بما في ذلك تحسين شبكة التوزيع وخفض نسب الفاقد الكهربائي، بالإضافة إلى تعزيز الدعم الحكومي للأسر الأكثر تضرراً من ارتفاع الأسعار.
ولفت الخبير إلى أن المقارنة مع الفترة السابقة تشير إلى أن الاستهلاك المسبق للقواطع كان محدداً بـ800 كيلو واط ساعي لكل دورة، بأسعار متفاوتة بحسب الشرائح، إذ كانت الفاتورة الإجمالية للمستهلك تصل إلى نحو 500 ألف ليرة سورية تقريباً، ما يعني أن تخفيض الحد الأعلى للاستهلاك إلى 400 كيلو واط ساعي قد يقلص الفاتورة بمعدل يقارب 35%، وهو ما قد يشكل دعماً مالياً محدوداً للأسر، لكنه يظل خطوة أولية في سياسة ترشيد الطاقة.
وتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من الإجراءات الحكومية التي تستهدف ضبط الاستهلاك وترشيد استخدام الكهرباء، بالإضافة إلى دعم استقرار الشبكة الكهربائية في مواجهة أزمات التقنين المتكررة، مع محاولة تحقيق توازن بين الأعباء المالية على المواطنين واحتياجات الشبكة الوطنية. ويأمل مسؤولون في الوزارة أن تؤدي هذه السياسة إلى تعزيز وعي المستهلك حول أهمية ترشيد الاستهلاك، وإلى تحفيز استخدام بدائل الطاقة بطرق أكثر استدامة، مع التركيز على تحسين جودة الخدمة الكهربائية للمناطق الحضرية والريفية على حد سواء


















