خزامى مكارم – المدن
مع كل تقلب في الطقس وانخفاض في درجات الحرارة يشهد لبنان موجات متكررة من الإنفلونزا الموسمية، إلا أن ما يميز هذا العام هو غلبة سلالة (H3N2) من الفيروس المصنّف ضمن الإنفلونزا من النمط A، وذلك بحسب بيانات برنامج الترصد الوبائي التابع لوزارة الصحة اللبنانية. هذا الفيروس المسيطر في الموسم الحالي يتميّز بسرعة الانتشار والأعراض الحادة التي تشبه أعراض كورونا. ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في أعداد الإصابات وازدياد حالات دخول المستشفيات في الأسابيع الأخيرة.
واقع تفشي الفيروس
الاختصاصي في الأمراض الصدرية والأمراض الداخلية في مستشفى رفيق الحريري، الدكتور هاني شاهين أوضح لـ “المدن” أن أعداد المصابين بفيروس H3N2 المتوافدين إلى قسم الطوارئ في المستشفى “ضخم جدًا”، وقال “إن مستشفى رفيق الحريري الجامعي يستقبل أعدادًا كبيرة من الحالات، وغالبية الإصابات التي تُرصد هناك هي حالات متقدمة وخطيرة”.
وأشار الدكتور شاهين إلى أنّ “معظم الحالات الوافدة إلى المستشفى هم من المسنّين، والمصابين بأمراض مزمنة كأمراض الرئة والقلب، ومنهم من يحتاج إلى العناية الفائقة وأجهزة التنفس الصناعي، فيما تُسجَّل بعض الوفيات نتيجة المضاعفات الحادة للفيروس”.
ولفت إلى أن “الوضع في مستشفى رفيق الحريري ينطبق أيضًا على معظم مستشفيات بيروت وضواحيها، حيث بلغت نسبة إشغال الغرف، بما في ذلك أقسام الطوارئ، الحدّ الأقصى بنسبة تصل إلى 100 بالمئة”. كما كشف أن “بعض المستشفيات باتت عاجزة عن استقبال الحالات الجديدة فورًا، إذ يضطر المريض أحيانًا إلى الانتظار نحو ست ساعات في قسم الطوارئ قبل أن تتم معاينته”.
إنفلونزا H3N2 أسباب الإنتشار والأعراض
من جانبه شرح البروفسور بطب الأطفال والأمراض الجرثومية المعدية، ورئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية في بيروت، غسان دبيبو أن “فيروس H3N2 يتقدم بقوة هذا الموسم في لبنان نظراً للتحوّرات العديدة التي طرأت على الفيروس، الأمر الذي سهل عملية دخوله إلى الجسم وزيادة سرعة انتشاره”.
ولفت إلى أن “هذا التحوّر الحاصل يجعل الجهاز المناعي غير قادر على التعرف على الفيروس، فيتعامل معه الجسم على أنه فيروس جديد، وهذا ما أدى إلى ارتفاع واضح في حدة الأعراض والمضاعفات”.
وعن أعراض الفيروس، أوضح دبيبو “أنها قوية، وتشمل حرارة مرتفعة تصل إلى 40 درجة تستمر نحو أسبوع إلى جانب تعب شديد في الجسم وآلام في العضلات وسعال متواصل، فضلاً عن جفاف في الحلق”.
وشدد على أن ” الأطفال دون الخامسة من العمر، والمسنين فوق الخامسة والستين، هم الفئات الهشّة والأكثر عرضة للخطر، إذ يمكن أن تتطور إصابتهم بالفيروس لتحدث مضاعفات تستوجب العلاج داخل المستشفى”.
ولفت إلى أن “موسم الإنفلونزا يبدأ عادة في منتصف كانون الأول ويمتد حتى أواخر آذار، وتتراوح الحالات بين الخفيفة المتمثلة بالرشح وألم الحلق، والحالات الشديدة التي تؤدي إلى مضاعفات خطيرة كالتهاب الرئة أو الأمعاء أو حتى الدماغ، بل وقد تنتهي بالوفاة في بعض الحالات. لذلك ينصح باتخاذ الإجراعات الوقائية وارتداء الكمامة وضرورة تلقي اللقاح. علماً أن لقاح الإنفلونزا المتوافر حالياً يغطي المتحور H3N2 بنسبة تصل إلى 30 بالمئة وهي نسبة منطقية مقارنة بالتحوّرات التي طرأت على الفيروس”.
الإنتشار ضمن المعدلات الموسمية
من جانبها ترى وزارة الصحة أن الإصابات المرتفعة لا تزال ضمن المعدلات المقبولة. وأكد المتحدث الإعلامي في الوزارة رضا الموسوي أن الموسم الحالي يتسم بالحدة نوعاً ما وبمعدلات انتشار أعلى مقارنة بالمواسم السابقة بسبب المتحور الجديد.
وأضاف بأن “وزارة الصحة تتعاون مع منظمة الصحة على تقديم 10آلاف لقاح إنفلونزا، لتلقيح كبار السن والأشخاص أكثر عرضة للمضاعفات”.
وذكّر الموسوي المواطنين الإلتزام بالإرشادات التي عممتها وزارة الصحة حفاظاً على الصحة العامة وسلامة الجميع، مؤكداً التزام الوزارة بمتابعة الوضع الوبائي واتخاذ الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع الجهات المعنية.
في المحصلة، تتفاوت مسارات الإنفلونزا الموسمية من عام إلى آخر، لكنها تبقى تذكيرًا بضرورة متابعة إجراءات الوقاية والتلقيح الموسمي، وتستوجب الوعي بالمسؤولية الجماعية لحماية الفئات الأكثر ضعفًا، وقد تستدعي هذا العام حذرًا أكبر مع انتشار سلالة H3N2 كي لا تخرج الأمور عن إطارها الموسمي المعتاد.
(موقع المدن)















