أعلنت هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية البدء بإعداد تشريع خاص بصناديق الاستثمار، بعد سنوات طويلة من غياب هذا النوع من الأدوات المالية ومنع تداوله داخل السوق السورية، في محاولة لفتح قنوات تمويل جديدة وجذب رؤوس الأموال إلى بيئة استثمارية تعاني الجمود.
وقال رئيس مجلس مفوضي الهيئة، عبد الرزاق قاسم، لـ”العربي الجديد” إن مشروع قانون الصناديق الاستثمارية بات أولوية قصوى في المرحلة الراهنة، لما يحمله من دور محتمل في تنويع مصادر التمويل أمام المشاريع المستقبلية، ورفع كفاءة السوق المالية، وتحديث أدواتها بما ينسجم مع متطلبات المرحلة الاقتصادية المقبلة. وأشار إلى أن هذه الخطوة قد تسهم أيضاً في توسيع قاعدة الشركات المساهمة العامة بوصفها إحدى الركائز الأساسية للنمو الاقتصادي.
وتندرج هذه الخطوة ضمن خطة أوسع تعمل عليها الهيئة لتحديث الإطار التشريعي والتنظيمي لعملها، وتشمل مراجعة وتعديل قانون إحداث الهيئة والأنظمة الضابطة لنشاطها، إلى جانب تطوير بيئة التداول وتنظيم سوق دمشق للأوراق المالية وفق معايير دولية.
ولفت قاسم إلى أن العمل جارٍ على إعداد نظام حوكمة جديد للسوق يعزز حقوق المساهمين ويضمن المعاملة المتساوية بينهم، إضافة إلى تعديل أنظمة الإفصاح بما يكفل وصول المعلومات إلى المستثمرين بوضوح وشفافية.
وفي موازاة ذلك، أوضح أن استكمال البنية التشريعية الجديدة سيفتح الباب أمام إطلاق أدوات مالية حديثة لم تكن متاحة سابقاً، من شأنها دعم توسع السوق وزيادة جاذبيته للمستثمرين، إلى جانب تهيئة الإطار القانوني لعمل منصات التمويل الجماعي لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة. كما كشف عن دراسة محفزات تشريعية وضريبية، وربما التوجه لإلزام بعض المشاريع الكبرى باتخاذ شكل شركات مساهمة عامة، بما يسهم في تعزيز حجم السوق وزيادة التداولات اليومية.
من جهته، رأى الخبير الاقتصادي منير الرفاعي أن التوجه نحو إقرار تشريع خاص بصناديق الاستثمار يمثل خطوة متأخرة لكنها ضرورية لإعادة تحريك السوق المالية، مشيراً في حديث لـ”العربي الجديد” إلى أن غياب هذه الأدوات طوال السنوات الماضية حرم الاقتصاد السوري من أحد أهم مسارات تجميع المدخرات وتوجيهها نحو الاستثمار المنظم. واعتبر أن نجاح هذه الخطوة سيبقى مرهوناً بمدى استقلالية الصناديق وشفافية إدارتها، وبقدرتها على العمل ضمن بيئة تشريعية مستقرة تحمي حقوق المستثمرين وتحدّ من المخاطر غير الاقتصادية.
وأضاف الرفاعي أن صناديق الاستثمار يمكن أن تشكل، في حال تطبيقها وفق معايير واضحة، جسراً بين السيولة المعطلة في السوق والمشاريع الإنتاجية، ولا سيما في القطاعات الصناعية والخدمية، محذراً من الاكتفاء بالإطار القانوني دون إصلاحات أوسع تطاول مناخ الأعمال وسوق الصرف والسياسات الضريبية. ولفت إلى أن التجارب السابقة في السوق السورية أظهرت أن أي أداة مالية جديدة تفقد فعاليتها سريعاً إذا لم تترافق مع ثقة حقيقية بالقطاع المالي وقدرته على حماية رأس المال وتحقيق عوائد معقولة.
وتعكس هذه التحركات، وفق متابعين، توجهاً رسمياً نحو مرحلة اقتصادية تعتمد على أدوات مالية أكثر تطوراً، تشكل صناديق الاستثمار أحد أبرز مرتكزاتها، في مسعى لإعادة تنشيط السوق المالية وتعزيز دورها في دعم النشاطين الاقتصادي والاستثماري في سورية، بعد سنوات من الانكماش وغياب القنوات التمويلية المنظمة.
















