تفوقت عائدات التونسيين في الخارج على عائدات السياحة، حيث بلغت خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي 7.3 مليارات دينار (نحو 2.5 مليار دولار)، فيما بلغ كامل إيرادات القطاع السياحي 7 مليارات دينار، بحسب بيانات صادرة عن البنك المركزي التونسي.
وأظهرت البيانات أن تحويلات المغتربين بلغت 7.3 مليارات دينار حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2025، مقابل 6.8 مليارات دينار (2.3 مليار دولار) خلال الفترة نفسها من العام الماضي، مسجّلة زيادة سنوية بنسبة 7.4%.
ولا تزال تحويلات التونسيين المقيمين في الخارج تشكّل أحد أهم مصادر التمويل الخارجي لتونس، إلى جانب عائدات السياحة وصادرات السلع والخدمات، ما يساعد على استقرار العملة المحلية وتوفير رصيد مهم من العملات الصعبة لتمويل واردات الغذاء والطاقة، وتبرز مساهمة الجالية التونسية هذا العام بشكل أوضح من أي وقت مضى في دعم الاقتصاد الوطني، إذ ساهمت تحويلاتهم في سدّ الثغرات المالية التي خلّفها الوضع السياسي والاقتصادي الصعب، بعد تعذّر تحصيل موارد تمويل خارجية.
ومنذ تفشي جائحة كوفيد-19، مثّلت تحويلات التونسيين المقيمين في الخارج طوق نجاة للاقتصاد الوطني الذي يعاني من تباطؤ حاد في النمو بسبب تأخر تنفيذ خطط الإنعاش الاقتصادي، ويُقدَّر عدد التونسيين في دول المهجر بأكثر من 1.5 مليون شخص، يقيم أغلبهم في دول الاتحاد الأوروبي، وبدرجة أقل في دول الخليج العربي وأميركا الشمالية.
ورغم أهمية هذه التحويلات، فإنها لا تزال تُوجَّه في الغالب نحو الاستهلاك المنزلي بدلاً من الاستثمارات الإنتاجية، لذلك، يدعو العديد من الخبراء إلى تطبيق آليات تحفيزية لتوجيه جزء من هذه الأموال نحو مشاريع التنمية، خصوصاً في المناطق الداخلية.
وقد شهدت السنوات التي تلت ثورة 2011 تغيراً في طبيعة العمالة التونسية في المهجر، مع بروز جيل جديد من المهاجرين من أصحاب الكفاءات العالية الذين نجحوا في الاندماج السريع في اقتصادات دول الإقامة.
ويحرص هؤلاء على دعم أسرهم واقتصاد بلادهم عبر تحويلاتهم المالية المنتظمة، رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة في عدد من دول الإقامة، خصوصاً في أوروبا التي يعيش فيها أكثر من مليون تونسي، ويُقدَّر عدد المهاجرين التونسيين الجدد خلال العقد الأخير بأكثر من 300 ألف شخص، وقد أظهر هؤلاء قدرة كبيرة على دعم الاقتصاد الوطني من خلال تحويلات منتظمة تحولت إلى دخل أساسي لعدد من العائلات.
وتضم الجالية التونسية في الخارج نخباً وكفاءات علمية عالية، إذ تشير دراسة صادرة عن ديوان التونسيين في الخارج إلى أن عدد الكفاءات التونسية المقيمة في أوروبا يفوق 90 ألف شخص، ومع ذلك، لا تزال التحويلات تُوجَّه أساساً إلى نفقات التعليم والصحة والاستهلاك واقتناء العقارات، ولم ترتقِ بعد إلى مستوى الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية، رغم بعض المبادرات لإنشاء مشاريع ناشئة تُسوّق العلامة التونسية في القطاعات المتجددة.
وتراهن الحكومة التونسية على تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 3.3% خلال العام المقبل، ورفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 64 مليار دولار، مدفوعاً بتحسن قطاعات حيوية أبرزها السياحة، الزراعة، والفوسفات.
وأعلنت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري، أمام البرلمان، الأربعاء الماضي، أن اقتصاد بلادها مرشح لتحقيق نمو لا يقل عن 3.3% في عام 2026، مقابل 2.6% متوقعة للعام الحالي.
العربي الجديد















