تنوي السلطات التونسية مواصلة دعم الغذاء والكهرباء لعام جديد، في إطار خطة للحد من تداعيات الغلاء على القدرة الإنفاقية للأسر، وتظهر بيانات مشروع قانون الموازنة للعام المقبل أن نفقات الدعم العام ستتجاوز 9.7 مليارات دينار (3.3 مليارات دولار)، من بينها 4 مليارات دينار (1.3 مليار دولار) لدعم الغذاء، و5 مليارات دينار (1.7 مليار دولار) لدعم المحروقات والكهرباء، إلى جانب تخصيص 700 مليون دينار لدعم النقل.
وتُقدّر الزيادة المتوقعة في نفقات دعم الغذاء، وفق وثيقة مشروع الموازنة لعام 2026، بنحو 278 مليون دينار لتصل إلى 4 مليارات دينار، مقابل 3.8 مليارات دينار خلال العام الحالي، ووفق برنامج الحكومة، سيتواصل العمل خلال سنة 2026 على تحسين نجاعة منظومة الدعم وتشجيع الإنتاج الزراعي المحلي لتحقيق الأمن الغذائي، عبر تكثيف عمليات المراقبة الاقتصادية والتصدي للممارسات غير المشروعة، مثل التهريب والمضاربة والاستعمال غير القانوني للمواد المدعّمة والتجارة الموازية.
كما تنوي الحكومة تحديث منظومة التصرف في المواد المدعّمة، من خلال تفعيل منصات معلوماتية تُمكّن من تتبّع مبيعات المطاحن من الدقيق، ومراقبة توزيع الزيت المدعّم بشكل حيني، إضافة إلى مكافحة هدر الغذاء، ومن المتوقع أن يستأثر دعم الغذاء العام القادم بنسبة 41.7% من مجموع النفقات الشاملة للدعم المقدّرة بـ9.7 مليارات دينار.
وتمثل النفقات المخصصة لدعم المواد الأساسية نحو 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة ذاتها المتوقعة لعام 2025، ويُعدّ غلاء أسعار الغذاء الأكثر ضغطاً على معيشة التونسيين، رغم تراجع نسب التضخم وفق البيانات الحكومية، إذ انخفض بنحو نقطة مئوية على أساس سنوي منذ بداية العام الحالي ليصل إلى 5% نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، مقابل 6.2% في مطلع السنة الجارية، في المقابل، تُظهر بيانات مشروع الموازنة للعام القادم أن السلطات تخطط لخفض دعم المحروقات والكهرباء، مدفوعة بتراجع سعر النفط في الأسواق العالمية، وتتوقع تونس العام القادم توفير ما لا يقل عن 726 مليون دينار من نفقات دعم المحروقات والكهرباء مقارنة بالعام الجاري، باعتماد فرضية سعر برميل النفط في حدود 63 دولاراً.
ومن المتوقع أن تبلغ نفقات دعم المحروقات والكهرباء لسنة 2026 نحو 5 مليارات دينار، مقابل 5.7 مليارات دينار منتظرة لسنة 2025، من بينها 3.1 مليارات دينار دعم لفائدة شركة الكهرباء والغاز الحكومية، ووفق مشروع الموازنة، لا تنوي السلطات التونسية إجراء أي تعديل على أسعار المحروقات والكهرباء، مقابل وضع خطة لتحسين التحكم في الاستهلاك ومراقبة مسالك توزيع قوارير الغاز المنزلي، التي تدعم الحكومة 71% من كلفتها، ويبلغ معدل دعم المحروقات 27% من الكلفة بحسب البيانات الحكومية، في حين تصل نسبة دعم قوارير الغاز للاستخدام المنزلي إلى 71%، ليستفيد منه مختلف الشرائح الاجتماعية، وخاصة ذات الدخل الضعيف والمتوسط.
وتستمر تونس في تطبيق سياسات الدعم، رغم تعرضها لضغوط من صندوق النقد الدولي لإلغائها بهدف تقليص عجز الموازنة، وكان من المفترض أن توقّع تونس مع صندوق النقد الدولي اتفاقاً مالياً بقيمة 1.7 مليار دولار عام 2022، مشفوعاً ببرنامج إصلاح اقتصادي يشمل خفض دعم السلع الغذائية والطاقة، غير أن الرئيس قيس سعيّد رفض تنفيذ أي إصلاحات يطلبها الصندوق تُرهق القدرة الشرائية للمواطنين.
ومنذ إبرام حكومة الحبيب الصيد الاتفاق المالي مع صندوق النقد الدولي سنة 2016، تحثّ مؤسسة التمويل الدولية السلطات التونسية على رفع الدعم عن الكهرباء والانتقال إلى الأسعار الحقيقية، بهدف تقليص عجز الموازنة وتحسين التوازنات المالية للدولة، وتقوم الحجة الأساسية لصندوق النقد الدولي باشتراط رفع الدعم عن المحروقات على أن نظام الدعم الحالي غير عادل، لأنه يفيد الأسر الأكثر ثراء والمالكة للسيارات على حساب الفئات الهشة، غير أن الوقود يُعدّ منتجاً حيوياً يؤثر بعدة قطاعات من النشاط الاقتصادي.
العربي الجديد
















