أظهرت بيانات هيئة الإحصاء التركية، يوم السبت، ارتفاعاً ملحوظاً في إقبال المواطنين العراقيين على شراء العقارات في تركيا، حيث تقدم العراق إلى المرتبة الثالثة بين أكثر الدول شراءً للعقارات، بعد أن كان في المرتبة الخامسة خلال الشهرين الماضيين.
ويأتي هذا التقدم في الوقت الذي سجلت فيه مبيعات العقارات للأجانب انخفاضاً بنسبة 7.7% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، في حين ارتفعت مبيعات المنازل داخل تركيا عموماً بنسبة 6.9% لتصل إلى 150 ألفاً و657 منزلاً.
وذكرت هيئة الإحصاء التركية، السبت الماضي، أن العراقيين حلّوا في المرتبة الثالثة بين أكثر الجنسيات شراءً للعقارات التركية خلال شهر سبتمبر/أيلول.
وأوضحت أن مبيعات المنازل في تركيا ارتفعت بنسبة 6.9% في سبتمبر/أيلول مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، لتبلغ 150 ألفاً و657 منزلاً. وأشارت الهيئة إلى أن الروس تصدروا قائمة المشترين الأجانب للعقارات في تركيا خلال الشهر نفسه بعدد 267 منزلاً.
وجاء الإيرانيون في المرتبة الثانية بـ202 منزل، ثم العراقيون ثالثاً بـ146 منزلاً، فالألمان رابعاً بـ121 منزلاً، والأوكرانيون خامساً بـ118 منزلاً، والسعوديون سادساً بـ72 منزلاً، وأذربيجان سابعاً بـ67 منزلاً، تليها الصين بـ64 منزلاً، وكازاخستان بـ62 منزلاً، والمملكة المتحدة عاشراً بـ58 منزلاً.
وكان العراقيون قد تصدروا دول العالم في شراء المنازل بتركيا منذ عام 2015، إلا أن ترتيبهم تراجع إلى المركز الثاني بعد إيران مع بداية عام 2021، ثم إلى المركز الثالث في إبريل/نيسان 2022 بعد الهيمنة الروسية على سوق العقارات التركية، قبل أن يتراجع لاحقاً إلى المركز الخامس.
لماذا يقبل العراقيون على شراء العقارات في تركيا؟
بدوره، قال المتخصص العقاري في تركيا عمر العاني، في حديث خاص مع”العربي الجديد”، إن الإقبال المتزايد من العراقيين على شراء العقارات في تركيا لم يعد مجرد ظاهرة عابرة، بل تحول إلى اتجاه استثماري واجتماعي مستقر يعكس ثقة العراقيين بالسوق التركية رغم التحديات الاقتصادية الأخيرة، وأوضح العاني أن القرب الجغرافي بين البلدين وسهولة التنقل عبر الرحلات الجوية القصيرة، إلى جانب تشابه العادات الاجتماعية والثقافية، جعلت من تركيا خياراً مفضلاً للعراقيين الباحثين عن بيئة آمنة ومستقرة.
وأضاف أن تركيا توفر إطاراً قانونياً مرناً للأجانب، يتيح للعراقيين تملّك مختلف أنواع العقارات، سواء السكنية أو التجارية أو السياحية أو الأراضي، ما يمنح المستثمر حرية تحقيق أهدافه وفق احتياجاته.
وأشار إلى أن الاستقرار الأمني والسياسي النسبي، والطبيعة السياحية المميزة للمدن التركية، جعلا السوق العقاري التركي أحد أسرع الأسواق نمواً في المنطقة، ما يعزز ثقة المستثمرين الأجانب، لا سيما العراقيين.
وأكد أن تركيا لا تزال تحتفظ بمكانتها إحدى أهم وجهات الاستثمار العقاري في الشرق الأوسط، رغم ارتفاع تكاليف المعيشة والأسعار العامة خلال السنوات الأخيرة، نظراً إلى ما توفره من أسعار تنافسية وجودة عالية في البناء والبنية التحتية والخدمات العامة.
وبيّن العاني أن وجود جالية عراقية كبيرة ساهم في خلق مجتمع متكامل يسهل اندماج العراقيين الجدد، كما أن البيئة الاجتماعية والتعليمية والصحية المتطورة تشكل عنصر جذب إضافياً للعائلات.
وختم بالقول إن التملّك في تركيا أصبح يجمع بين الاستقرار المعيشي والعائد الاستثماري، خاصة لأولئك الباحثين عن بيئة آمنة ومجاورة لبلدهم الأم، مؤكداً أن السوق التركية لا تزال قادرة على استيعاب المزيد من الاستثمارات والمبيعات في السنوات المقبلة.
من جانبه، قال الباحث الاقتصادي عبد السلام حسن، في حديث مع”العربي الجديد”، إن تقدم العراق إلى المرتبة الثالثة في قائمة أكثر الدول شراءً للعقارات في تركيا خلال شهر سبتمبر/أيلول 2025 يعكس ظاهرة اقتصادية واجتماعية مركّبة تتداخل فيها عوامل اقتصادية وأمنية واجتماعية.
وأوضح حسن أن تسهيلات التحويلات المالية غير الرسمية من داخل العراق إلى تركيا أسهمت في تسهيل عمليات شراء العقارات، ما قد يفتح المجال أمام استغلال هذه القنوات في عمليات غسل الأموال أو تهريب رؤوس الأموال إلى الخارج، خاصة في ظل ضعف الرقابة على حركة الأموال في السوق الموازية.
وأضاف أن استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي داخل العراق يدفع العديد من المستثمرين والمواطنين إلى البحث عن بيئة أكثر أماناً واستقراراً لاستثمار أموالهم أو إقامة عائلاتهم، وهو ما يجعل السوق العقارية التركية خياراً مفضلاً لهم رغم التضخم الذي تشهده تركيا.
وبيّن أن تقدم العراق في قائمة هيئة الإحصاء التركية يدل على زيادة الطلب العراقي على العقارات التركية رغم التراجع العام في السوق التركية.
وأشار إلى أن الأشهر المقبلة قد تشهد مزيداً من الإقبال نتيجة التشدد في مراقبة حركة بيع العقارات وشرائها داخل العراق، والحذر الذي أعقب عقوبات الخزانة الأميركية.
وشدد حسن على ضرورة إعادة النظر في سياسات التحويلات المالية ومراقبة حركة رؤوس الأموال، إضافة إلى تهيئة بيئة استثمارية داخلية مستقرة وجاذبة تقلل من نزيف الأموال إلى الخارج، وتوفر للمواطنين فرص استثمار آمنة ومستقرة داخل العراق بدلاً من البحث عنها في دول أخرى.