تشهد عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة، تحركات مكثفة لمواجهة الفجوة المقلقة في سلاسل الإمداد التي حذر منها رئيس غرفة عدن التجارية والصناعية أبوبكر باعبيد، مع اقتراب المخزون السلعي من النفاد وسط أزمة حادة لتوفير الاعتمادات اللازمة لتمويل الاستيراد.
يأتي هذا إثر المقابلة التي أجراها باعبيد مع “العربي الجديد”، والتي أثارت ردود أفعال واسعة وحالة طوارئ تمر بها الأسواق منذ يوم الجمعة الماضي 29 أغسطس/ آب، حيث انعكس ذلك على تحرك الصرافين لشراء الدولار والتحكم بالسيولة من العملات الأجنبية، والذي قابله رد فعل قوي من البنك المركزي في عدن الذي تدخل لمواجهة ما اعتبره مضاربة بالعملة تسببت باضطراب واسع في سوق الصرف.
وفي الوقت الذي أعلن فيه البنك المركزي في عدن عن بقائه في حالة انعقاد دائم لمراقبة التطورات في مؤشر واضح على استشعار خطورة ما حذر منه باعبيد من فجوة سلاسل الإمداد ومشكلة تمويل الاستيراد؛ كثفت الحكومة من تحركاتها في هذا الصدد بطلب اجتماع طارئ مع صندوق النقد الدولي، حيث ناقش رئيس الحكومة في هذا الاجتماع الذي عقده مع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي لليمن إستر بيريز رويز، الخطط الطارئة والمستقبلية لدعم أولويات الحكومة وإسناد جهودها في مواصلة الإصلاحات الشاملة
بحسب مصادر مطلعة فإن الحكومة استهدفت في الاجتماع استكشاف خيارات التمويل الطارئ والتسهيلات الميسّرة الضرورية لسد الفجوات المالية وتحفيز دعم المانحين، وبحث كيفية تسهيل الوصول إلى التمويلات والقروض التنموية. إضافة إلى حشد الدعم المالي من الشركاء الدوليين مثل صندوق النقد، لمساعدة الحكومة في هذه الظروف الراهنة على تعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي، بما ينعكس إيجاباً على تحسين معيشة المواطنين وتخفيف معاناتهم.
تصاعد الأزمة في عدن
وأكد اقتصاديون أن الوضع في عدن مضطرب وقد يصل إلى أزمة تموينية خانقة في ظل تضرر التجار والقطاع الخاص من تبعات ما يحصل بالتزامن مع تنفيذ برنامج الإصلاحات وعدم توفر التمويلات اللازمة لتغطية فجوة سلاسل الإمداد.
الخبير الاقتصادي والمالي محمد الكسادي، أستاذ الاقتصاد بجامعة حضرموت، قال في هذا الخصوص لـ”العربي الجديد”، إن الحكومة يجب أن تعمل على حشد الموارد المحلية كضرورة قصوى في هذه الظروف، واتخاذ خطوات وإجراءات تتزامن مع برنامج الإصلاحات الذي تنفذه لتوحيد الموارد وتحسين الدورة النقدية، وهذا يتطلب إجراءات فاعلة لمكافحة الفساد وتسرب الإيرادات وتقليص ومراقبة النفقات.
وسبق اجتماع رئيس الحكومة مع بعثة صندوق النقد الدولي، بيان صادر عن البنك المركزي اليمني في عدن، بما اُعتبر تجاوباً مع ما كشفه أبوبكر باعبيد لـ”العربي الجديد”، حول فجوة سلاسل الإمداد؛ ثمن فيه البنك دعوة مجلس التعاون الخليجي إلى دعم البنك المركزي اليمني المعترف به دولياً ومساندته للقيام بواجباته للحفاظ على استقرار العملة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي لما فيه مصلحة الشعب اليمني.
وفي إشارة إلى طلب الحصول على دعم لتغطية فجوة سلاسل الإمداد وتمويل الاستيراد، أكد البنك على أهمية دعم مجلس التعاون الخليجي وتقديره له في هذا الوقت الصعب والاستثنائي، محذراً من كل ما يستهدف الاستقرار الاقتصادي وانسيابية سلاسل الإمداد.
وكان رئيس غرفة عدن التجارية والصناعية أبوبكر باعبيد، قد أشار في حواره مع “العربي الجديد”، إلى أن المرحلة الأولى من طلبات الاستيراد التي أجازتها اللجنة قليلة جداً وهي بحوالي 36.6 مليون دولار، وهذا لا يساوي شيئاً مقارنة بالاحتياجات والمتوافر من المخزون الاستراتيجي. وأكد وجود “فجوة مقلقة في سلاسل الإمداد، بين المتوفر حالياً والذي بدأ ينفد وبين القادم المستورد إلى الأسواق والذي يعتبر كمية قليلة جداً لا تغطي الاحتياجات”.