أكد البنك الدولي أنه سيقف إلى جانب لبنان لمساعدته في هذا الوقت الصعب وفي المرحلة الانتقالية بغية تمكينه من إعادة البناء والنهوض وللتأكد من دعم ازدهار الشعب اللبناني بأكمله ومن دون استثناء.
وخلال شهر يناير/كانون الثاني الجاري، انتخب لبنان قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيساً للبلاد بعد فترة شغور تجاوزت السنتين، كما كلّف البرلمان القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة، وقد تعهّد الرجلان بتنفيذ برنامج إصلاحي يقوم بالدرجة الأولى على الإصلاح السياسي والاقتصادي والقضائي، واعتماد نهج مختلف في الحكم يعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان، ويرمّم العلاقات التجارية والسياحية مع الخارج وخاصة دول الخليج، ويعبّد الطريق أمام الاستثمارات.
وشدد البنك الدولي عبر موفد جال على المسؤولين اللبنانيين في بيروت يومي الأربعاء والخميس على أهمية العمل في بيئة مناسبة لإجراء الإصلاحات الأمر الذي يمكن أن يساعد على المزيد من استثمار القطاع الخاص في لبنان والتطلع إلى المزيد من الإطارات المناسبة لإعادة النهوض والبناء.
وأعلن نائب المدير الإقليمي للبنك الدولي في الشرق الأوسط وشمال افريقيا عثمان ديون أنه “لدينا أربعة مشاريع بـقيمة 736 مليون دولار أميركي وافق عليها البنك وإدارة المالية العامة وهي تشمل الزارعة والطاقة والمياه، وهذه المشاريع بانتظار موافقة المجلس النيابي لتنفيذها”، لافتاً إلى أن “خطة إعادة الاعمار كانت قيد التحضير حتى عندما كانت الحرب لا تزال قائمة ونحن اليوم في مرحلة الانتهاء من التفاصيل، ويتوقع الانتهاء من التقييم السريع للأضرار بحلول آخر فبراير/شباط المقبل”.
واستقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي يوم الخميس ديون الذي عبّر عن أمل البنك الدولي بانتقال سلس في لبنان مبني على أسس متينة تم التأسيس لها عبر عدد من المشاريع بشكل “يسمح لنا بالاستمرار بالتعاون مع الحكومة الجديدة خلال مسار إعادة الإعمار والنهوض والإصلاح والتنمية لمصلحة الشعب اللبناني بأسره”.
والتقى ديون أمس الأربعاء كلاً من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس البرلمان نبيه بري، وكان عرض للدعم الذي يقدمه البنك الدولي للبنان في كافة المجالات.
وأبلغ الرئيس عون ديون أنّ “لبنان عازم على إجراء الإصلاحات الضرورية وفق ما أعلنه في خطاب القسم، وأنّ من أولى مهمات الحكومة الجديدة المباشرة بإعداد النصوص اللازمة للإصلاحات في مختلف المجالات.
وحدّد أولويات المرحلة المقبلة بإعادة الإعمار ولا سيما في المناطق التي دمرها العدو الإسرائيلي خلال اعتداءاته، إضافة إلى تفعيل عمل الإدارات الرسمية ولا سيما تلك التي تعنى بتقديم الخدمات للمواطنين، وتطوير الإدارة اللبنانية واعتماد التقنيات الإلكترونية لتسهيل المعاملات”.
وشكر عون ديون على الدعم الذي يقدّمه البنك الدولي للبنان في مختلف القطاعات، واعداً بالعمل على الإسراع في إقرار مجلس النواب للقوانين المتعلقة بالقروض الطويلة الأمد التي وافق عليها البنك الدولي، مرحّباً باستمرار عمل مكتب البنك الدولي في لبنان خلال الظروف الصعبة التي مرّ بها.
من جهته، اعتبر ديون أنّ “انتخاب عون فرصة أمل للشعب اللبناني في هذه الظروف”، مشدداً على رغبة البنك الدولي بمساعدة لبنان لمواجهة الظروف الصعبة التي مرّ بها، لافتاً إلى الاستعداد لعقد مؤتمر من أجل لبنان، مشيراً إلى أهمية اعتماد إصلاحات تعزز ثقة المجتمع الدولي بلبنان، كما لفت إلى وجود قروض طويلة الأمد بقيمة 736 مليون دولار للبنان تنتظر موافقة مجلس النواب اللبناني.
ويعوّل المجتمع الدولي على العهد الجديد في لبنان، سواء على مستوى رئاسة الجمهورية، أو الحكومة المنتظر تشكيلها برئاسة نواف سلام، لتنفيذ برنامج إصلاحي شامل، سياسي واقتصادي وقضائي، يعدّ بمثابة مسار أساسي لدعم لبنان وإعادة إعماره، خصوصاً أنّ غياب الإصلاحات شكّل عائقاً أمام مدّ البلاد بالمساعدات، ويردّد المجتمع الدولي في كلّ مناسبة أنّ الإصلاحات الاقتصادية تغيب عن لبنان، حتى تلك التي بوشر العمل بها في بعض القطاعات، كانت تعدّ غير كافية لمساعدة الاقتصاد اللبناني المتعثر على التعافي.
وتأسّس الصندوق الائتماني المخصّص للبنان رسمياً في 18 ديسمبر/كانون الأول 2020، بغرض بدء عملية التعافي الاجتماعي والاقتصادي الفوري لفئات السكان الأكثر احتياجاً ومنشآت الأعمال التي تضررت جراء انفجار مرفأ بيروت، ودعم جهود الحكومة اللبنانية في تحفيز الإصلاحات وتهيئة الظروف للتعافي وإعادة الإعمار في الأمد المتوسط.
ويوفر الصندوق وسيلة مهمة لتجميع موارد المنح وتدعيم الاتساق والتنسيق بخصوص الموارد التمويلية، بما يتماشى مع أولويات إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار، وهو يعتمد آليات تنفيذ مرنة وآليات متابعة ورقابة مالية وتعاقدية قوية.
ويتطلب بناء لبنان على نحو أفضل اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة، لا سيما في ما يتعلق بالإصلاح. وعلى المدى القريب، يحتاج لبنان إلى اعتماد وتنفيذ استراتيجية موثوقة شاملة ومنسقة لتحقيق الاستقرار المالي الكلي، وذلك ضمن إطارٍ متوسط الأجل للاقتصاد الكلي والمالية العامة.
وتستند هذه الاستراتيجية بحسب البنك الدولي إلى برنامج لإعادة هيكلة الديون يهدف إلى تحقيق القدرة على الاستمرار في تحمُّل الدين على المدى المتوسط، إعادة هيكلة شاملة للقطاع المالي لاستعادة ملاءة القطاع المصرفي، إطار جديد للسياسة النقدية يهدف إلى استعادة الثقة في سعر الصرف وتحقيق استقراره، التصحيح التدريجي للمالية العامة بهدف استعادة الثقة في سياسة المالية العامة، الإصلاحات المعززة للنمو، وتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية.
وعلى المدى المتوسط، يجب أن يعطي لبنان الأولوية لإعادة بناء مؤسساته على نحو أفضل، فضلاً عن تحسين نظم الحوكمة وبيئة الأعمال، إلى جانب إعادة الإعمار المادي.
العربي الجديد