اعتباراً من يوليو/ تموز المقبل ستُحيل سلطات تونس الحسابات البنكية غير النشطة إلى خزينة الدولة، في إجراء يُعد الأول من نوعه بعد أن أُقرّ ضمن قانون الموازنة الذي صادق عليه البرلمان في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وبموجب البند الذي أقرّه البرلمان، ستحيل السلطات الحسابات المالية التي لم يقم أصحابها بأي عمليات مالية عليها خلال السنوات الـ15 الماضية، سواء كانت حسابات ادخار أو حسابات جارية أو ودائع.
كما يشمل الإجراء أيضاً أسهم البورصة وعقود التأمين على الحياة. ويثير دخوله حيز التنفيذ خلال الأيام المقبلة جدلاً في تونس، بسبب غياب المعلومات الكافية حول عدد الحسابات المعنية به، والمبالغ المتوقع إحالتها إلى خزينة الدولة.
وفي هذا السياق، أوضح مقرر لجنة المالية في البرلمان التونسي، عصام شوشان، أنّ مجلس نواب الشعب صادق على بند إحالة الحسابات غير النشطة إلى خزينة الدولة، بعد إقرار الضمانات الكافية التي تتيح للمودعين أو ورثتهم أو أصحاب الحق إمكانية استرجاع أموالهم في حال التفطن إلى الحسابات المنسية.
وقال شوشان، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إنّ الهدف من هذا البند توفير مصادر جديدة للخزينة وإدخال الأصول المجمدة وغير النشطة ضمن الدورة المالية، مشيراً إلى أنّ وزارة المالية اقترحت، في بداية مناقشة الإجراء، تحويل الحسابات التي لم تجر عليها أي عمليات خلال 10 سنوات، غير أنّ البرلمان طالب بتمديد الفترة إلى 15 عاماً.
ولم يقدم مقرر لجنة المالية بيانات دقيقة عن عدد الحسابات غير النشطة المعنية بالإحالة، مقرّاً بأنّ المبالغ المرجو تحصيلها “قد لا تكون كبيرة، إلا أنّ إدخالها في الدورة الاقتصادية عبر خزينة الدولة يُعد أمراً مهماً”، وفق قوله.
في المقابل، قدّر الخبير المحاسب المختص في الشأن البنكي سفيان الوريمي، عدد الحسابات البنكية المعنية بالإجراء بنحو 400 ألف حساب، مؤكداً أن الحسابات المسجلة باسم القُصّر وغير البالغين غير معنية إلا عند بلوغهم سن الرشد القانونية. ويُقدّر عدد الحسابات البنكية في تونس بأكثر من 10 ملايين حساب، وفق بيانات البنك المركزي التونسي، حيث يسجل عدد الحسابات نمواً بمعدل 1.7% خلال 5 سنوات الماضية. ويُقدّر عدد الحسابات الجارية غير المستعملة بما بين 10 و15% من مجموع الحسابات.
وأكد الوريمي في تصريح لـ”العربي الجديد” أنّ البنوك والمؤسسات المالية في تونس أشعرت العملاء، الذين يملكون حسابات غير نشطة، بإمكانية إحالة أرصدتهم إلى الخزينة العامة، كما تم نشر البيانات الخاصة بذلك في الجريدة الرسمية، لافتاً إلى أنّ هذا الإجراء معمول به في دول أخرى، مثل فرنسا، التي تحيل الأرصدة إلى صندوق الودائع الحكومي.
كما بيّن أنّ استرجاع الأرصدة ممكن بعد الاعتراض من قبل المودعين أو ورثتهم، وذلك خلال 15 سنة من تاريخ تنفيذ قرار الإحالة. وشدد على أهمية تسهيل إجراءات البحث عن بيانات الأرصدة غير النشطة، من خلال إطلاق منصة متخصصة تضمن حقوق المودعين، لا سيما أنّ عملية الإحالة ستتحول إلى إجراء سنوي.
من جانبه، أشار رئيس منظمة إرشاد المستهلك لطفي الرياحي، إلى وجود حسابات تعود لأشخاص لا يملكون ورثة، وتبقى أحياناً مفتوحة لسنوات بعد وفاتهم، ما يؤدي إلى تراكم الفوائض. وتعتمد تونس في تمويل موازنتها لهذا العام على الإيرادات الضريبية والديون الداخلية، التي تُجمع من خلال إصدار السندات والصكوك، إلى جانب المساعدات الخارجية.
وتمثل الإيرادات الضريبية الجزء الأكبر من موارد الموازنة بقيمة تبلغ 15.5 مليار دولار.
كما ضاعفت تونس هذا العام من حجم القروض الداخلية لتصل إلى 7.08 مليارات دولار مقارنة بـ3.57 مليارات دولار العام الماضي، بينما سيتراجع حجم القروض الخارجية إلى 1.98 مليار دولار في عام 2025، مقارنة بـ5.32 مليارات دولار في 2024.