تسبّب حرب الرسوم الجمركية الواسعة التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعرض الدولار لتقلبات في سوق الصرف العالمية، ما يثير مخاوف من تأثر اقتصادات دول الخليج التي ترتبط عملاتها بشكل كبير بالعملة الأميركية.
وقد تختار بعض الدول في ظل التوترات التجارية العالمية تعزيز احتياطاتها من الذهب لتقليل الاعتماد على الدولار، ما قد يؤثر على قيمته، بحسب تقرير نشرته مجلة “فوربس” الأميركية، مشيرة إلى أن هذه الأوضاع تدفع دول مجلس التعاون الخليجي إلى تسريع تنويع اقتصاداتها وتقليل الاعتماد على النفط، ليساعدها ذلك على حفظ استقرار عملاتها حتى في ظل تراجع الدولار المحتمل.
وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي، مصطفى يوسف، لـ”العربي الجديد”، إلى أن الاقتصاد العالمي يشهد حالياً حالة شديدة من عدم اليقين نتيجة التخبط في القرارات الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة، التي تمثل أكبر اقتصاد في العالم، وهي حالة تأتي في ظل حروب تجارية تشنها واشنطن ضد شركائها التجاريين، ولا سيما كندا والمكسيك والاتحاد الأوربي، فضلاً عن الحرب التجارية الواسعة مع الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وتزيد هذه الظروف من حدة التوترات الاقتصادية العالمية، وتعيد العالم، تحت إدارة ترامب، إلى حقبة الإمبريالية، بحسب توصيف يوسف، معتبراً أن الولايات المتحدة تسعى إلى فرض هيمنتها من خلال التهديد والمناورة بهدف استغلال الموارد الطبيعية للدول الأخرى بأبخس الأثمان، وفرض شروط قاسية عليها.
ومن شأن ذلك تعزيز حالة صدام بين القوى الاقتصادية الكبرى، ما يُثير مخاوف كبيرة في الأسواق العالمية، بحسب تقدير يوسف، لافتاً إلى أن هذه التطورات تدفع باتجاه تراجع مفاهيم العولمة التي كانت سائدة في العقود الماضية، حيث تختفي فكرة التعاون وحرية تدفق السلع والخدمات، وبدلاً من ذلك تدخل الأسواق العالمية في مرحلة من الصدام والاضطراب، ما يدفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب.
ويُوضح أن هذا الاتجاه يؤدي إلى ارتفاع مستمر في أسعار الذهب، بينما تفقد العملات الرئيسية، خاصة الدولار، بريقها مخزناً للقيمة. وإزاء ذلك يشكل ارتباط العملات الخليجية بالدولار، باستثناء الدينار الكويتي، عقبةً أمام تطور اقتصادات دول الخليج، بحسب يوسف، موضحاً أن هذا الارتباط يؤدي إلى تبعية اقتصادية غير مرغوبة، خاصة مع تراجع قوة الدولار أمام العملات الأخرى مثل اليورو واليوان.
ويرى يوسف أن هذا الوضع يتطلب تحولاً نحو نظام يعتمد على العرض والطلب بدلاً من الربط الثابت بالدولار، لتمكين اقتصادات المنطقة من الانفتاح أكثر على الصين والاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن الربط بين العملات الخليجية والدولار، والذي يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، هو سياسة خاطئة تعود إلى حقبة السبعينيات وإلغاء قاعدة غطاء الذهب مقابل النقد.
ويشدد يوسف على أن هذا النظام يحتاج إلى مراجعة شاملة لتحرير اقتصادات دول الخليج وتمكينها من التكيف مع التحديات الاقتصادية العالمية، ويخلص إلى أن ارتفاع أسعار الذهب وتخبطات إدارة ترامب هي مجرد بداية لتحديات أكبر ستواجه الاقتصاد العالمي في الفترة المقبلة.
العربي الجديد