كشف اقتصاديون لـ “العربي الجديد” عن أسباب تراجع تمويل مشروعات الاقتصاد الأزرق في مصر، المدعومة بمنح مالية وقروض ميسرة من البنك الدولي ومؤسسات التمويل التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بقيمة تبلغ 30 مليار دولار، خصصت لمصر في مؤتمر المناخ “كوب 27” بشرم الشيخ عام 2023، وأشار علي الحداد، رجل الأعمال والخبير الدولي في صناعة الأسماك، إلى أن القيود الأمنية المفروضة على أنشطة الصيد على السواحل الممتدة على البحرين الأحمر والمتوسط ونهر النيل تحد من قدرة الدولة على استغلال مصادر الأسماك والموارد البيئية.
وأوضح لـ “العربي الجديد” أن هذه القيود أدت إلى هروب مستثمرين أوروبيين لإنشاء أكبر مزرعة عالمية للجمبري بالتعاون مع شركة الراجحي السعودية بدلاً من مصر، بالإضافة إلى حرمان المصريين من استغلال نحو ثلثي طاقة إنتاج الأسماك في بحيرة السد العالي. واستعرض الحداد تجربة مصر في مجال الاستزراع السمكي، الذي يقع ضمن منظومة الاقتصاد الأزرق، حيث زاد الإنتاج من 20 ألف طن بنهاية القرن الماضي إلى 800 ألف طن في عام 2010، ليصل حاليًّا إلى 1.1 مليون طن.
وأرجع ضعف حجم التصدير، الذي يقل عن 50 ألف طن سنويًّا، إلى عدم وجود صناعة حديثة للأسماك المعلبة والمجمدة في مصر، والاعتماد على تصدير الأسماك كاملة وطازجة، وهو نشاط لا يمثل سوى 3% فقط من تجارة الأسماك العالمية. كما أشار إلى البيروقراطية والفساد في الجهات الرسمية.
عوائق أمام الاقتصاد الأزرق
فيما كشف استشاري النقل الدولي، محمد شيرين النجار، عن وجود صعوبات عميقة تحول دون قدرة الدولة على أن تصبح مركزًا عالميًّا للنقل البحري واللوجستيات. وأوضح لـ “العربي الجديد” أن الجهات التابعة لوزارة النقل والبترول والقوات البحرية المشرفة على تشغيل الموانئ تعمل في ظل قوانين قديمة، وفي جزر منعزلة، وسط أجواء يسودها الصراع على المصالح وتصفية الحسابات بين كبار المسؤولين.
قال النجار إن معوقات عديدة تؤثر سلبًا على القطاع، منها تضارب إدارات الموانئ المختلفة في الرسوم والتعريفة، وعدم تطبيق الخصومات على المراكب التي تخدم أكثر من ميناء بسبب اختلاف تبعية الموانئ. وطالب بتوحيد التعريفات والرسوم والقوانين المنظمة وتطبيقها على جميع الموانئ، مع إجراء تطوير شامل للمنظومة البحرية.
وأوضح عميد كلية النقل الدولي واللوجستيات، خالد السقطي، أن مصر، بحكم موقعها وامتلاكها لأكثر من 3 آلاف كم من الشواطئ البحرية، يمكنها الاستفادة من نحو 60 – 70% من الـ11.8 مليار طن التي تُشحن حول العالم. وأشار إلى فرص استثمارية هامة، تشمل الكابلات البحرية التي تنقل 95٪ من البيانات عالميًّا، توليد الكهرباء، واستخراج الأدوية من الكائنات البحرية.
أكد السقطي لـ “العربي الجديد” أن عدم إعلان استراتيجية قومية للاقتصاد الأزرق يمثل أكبر معوق أمام تحقيق نجاح في هذا المجال، رغم مناقشة الحكومة لها منذ أكثر من عامين. وأوصى بإنشاء هيئة مستقلة تتبع مجلس الوزراء تكون مسؤولة عن تطبيق الاستراتيجية والتنسيق بين الجهات المختلفة، على غرار التجارب الدولية الناجحة.