يأمل الفلسطينيون في غزة أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تدفقاً للوقود وغاز الطهي بعدما كانت عملية دخولهما مقتصرة على مناطق وسط وجنوب القطاع، فيما منع الاحتلال سكان الشمال ومدينة غزة من الحصول عليه، ضمن خطة الضغط والتهجير التي سعى لفرضها على السكان خلال فترة حرب الإبادة.
وعانى القطاع طوال الربع الثاني من عمر الحرب نقصاً شديداً وكبيراً في المحروقات والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات والمنشآت الحيوية، حيث يمنع الاحتلال إدخال المحروقات منذ السابع من أكتوبر 2023.
ووصل سعر اللتر الواحد من السولار لأكثر من 120 شيكلاً علماً أن سعره في الأيام العادية لم يزد عن 6 شواكل إسرائيلية، إذ لم تشهد الأسواق في الأيام العادية طرحه أمام المواطنين للشراء وبقي مقتصراً حتى الآن على المنشآت الدولية والأممية.
تداعيات نقص المحروقات على غزة
وانعكس غياب المحروقات والوقود بالسلب على المواطنين الفلسطينيين حيث توقفت حركة المواصلات واضطر الفلسطينيون إلى الاعتماد على المركبات الكبيرة الخاصة بنقل البضائع، بالإضافة إلى العربات التي تجرها الحيوانات.
كما ينتظر السكان البدء بإدخال المساكن والبيوت المتنقلة إلى القطاع مع تدمير الاحتلال لكامل البنية التحتية والتجمعات السكنية، حيث تقدر الجهات الحكومية في غزة حجم الخسائر في قطاع الإسكان بنحو 18.5 مليار دولار.
وسجلت أسعار السلع والمواد الغذائية في قطاع غزة انخفاضاً ملموساً مع دخول وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي حيز التنفيذ، حيث انكسرت حدة الغلاء التي كانت عليها أسعار الكثير من المواد.
وبدء، الأحد، دخول شاحنات المساعدات الإغاثية المحملة بالمواد عبر الجانب المصري من معبر رفح حيث جرى إدخالها من خلال معبر كرم أبو سالم التجاري الواقع شرقي مدينة رفح بعد أن جرت عملية التفتيش في معبر العوجا من قبل القوات الإسرائيلية.
وأفادت مصادر محلية لـ “العربي الجديد” أن الساعات الأولى لوقف إطلاق النار شهدت إدخال 200 شاحنة بشكل سريع من ضمنها مواد غذائية بالإضافة إلى عبوات من مياه الشرب ومساعدات أخرى كانت مكدسة في الجانب المصري من معبر رفح.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، فإنّ الاحتلال الإسرائيلي سيسمح يومياً بمرور 600 شاحنة محملة بالاحتياجات الأساسية للقطاع من ضمنها مواد غذائية ومياه شرب وخيام ومنازل متنقلة، فضلاً عن مساعدات طبية وأدوية ومستلزمات للمستشفيات والعيادات في غزة.
وخلال فترة الحرب كان الاحتلال يتحكم في المعابر الحدودية ويمنع إدخال المواد الأساسية للسكان والنازحين على حدٍّ سواء، حيث قفزت أسعار المواد الأساسية لأكثر من 400% من أسعارها الأساسية الذي كانت عليه قبل السابع من أكتوبر 2023.
ويرتبط القطاع بمعبر كرم أبو سالم التجاري مع الاحتلال وبوابة صلاح الدين التجارية مع الأراضي المصرية، وكانت البوابتان تشكلان الشريان التجاري الذي يتنفس منه القطاع قبل الحرب حيث كان يصل ما نسبته 600 إلى 800 شاحنة تجارية محملة باحتياجات القطاع بما في ذلك الوقود والمحروقات.
وشهد الأحد دخول 6 شاحنات محملة بالوقود إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم التجاري وهي كميات ستنقل في المرحلة الحالية لصالح المستشفيات والمؤسسات الدولية والمخابز من أجل تشغيل المرافق الأساسية.
تجهيز 2000 شاحنة وانخفاض في الأسعار
وبحسب مصادر مصرية فإن الجانب المصري من معبر رفح يشهد تجهيز 2000 شاحنة من المساعدات والبضائع التي سيتم إدخالها إلى القطاع خلال الأيام المقبلة، بعد انتهاء عملية التفتيش والترتيب داخل معبر رفح البري.
في الأثناء، أفادت مصادر فلسطينية بانخفاض كبير في أسعار الخضروات والفواكه بمجرد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ حيث انخفضت أسعار البندورة “الطماطم” لنحو 7 شواكل للكيلوغرام الواحد بعد أن وصلت لـ 27 شيكلاً خلال الأسابيع الماضية في مناطق الجنوب وكانت بنحو 100 شيكل في مناطق غزة وشمالها. “الدولار=3.59 شواكل إسرائيلية”
وذكرت مصادر محلية لـ “العربي الجديد” أن أسعار البطاطس والبصل انخفضت إلى 11 شيكلاً للكيلوغرام بعد أن كانت تلامس حاجز الثلاثين شيكلاً للكيلوغرام، مع التوقعات بانخفاضات جديدة مع استمرار تدفق البضائع والمساعدات للقطاع بوتيرة كبيرة.
وعن أسعار الفواكه، انخفضت هي الأخرى لتصل إلى أقل من 15 شيكلاً للكيلوغرام الواحد بعد أن تجاوزت حاجز الـ50 شيكلاً للكيلوغرام خلال فترة الحرب في الأسابيع القليلة الماضية على وجه التحديد.
أما عن أسعار الطحين الخاص بالخبز فانخفض إلى أقل من 100 شيكل بعد أن وصل إلى قرابة 200 شيكل خلال الأيام الماضية، فيما كان سعره الطبيعي قبل الحرب الإسرائيلية وفي الفترات التي تشهد توزيعاً منتظماً للجميع يصل إلى ٥٠ شيكلاً للكمية التي تبلغ 25 كيلوغراماً.
وانتهج الاحتلال خلال الحرب أسلوب التجويع، إذ كان يسمح بإدخال عدد محدود من الشاحنات لا يزيد عن 80 شاحنة في أفضل الأحوال يومياً، فيما كان يسمح للعصابات المسلحة بسرقتها ونهبها قبل وصولها إلى مخازن الجهات الأممية والإغاثية.
وبحسب بيانات المنظمات الأهلية والجهات الحكومية، فإن الاحتلال كان يسمح بشكل متدرج بإدخال المساعدات إلى القطاع سواء من المعابر الحدودية أو عن طريق عمليات الإنزال الجوي، إلا أن جميع هذه العمليات كانت لا تلبي الحد الأدنى للفلسطينيين في غزة ولم تزد عن 10%.
ووصف وزير الاقتصاد الفلسطيني محمد العامور، عام 2024 بالأسوأ على الاقتصاد الفلسطيني، بعد انكماشه بنسبة 28%، نتيجة تباطؤ الحركة الاقتصادية، وخفض قيمة الأعمال في الشركات الخاصة، علاوة على انخفاض الصادرات والواردات الفلسطينية بنسبة 13%. واعتبر العامور في تصريحات صحافية مؤخراً، أن “أسباب الضعف الاقتصادي تعود إلى إجراءات الاحتلال، لا سيما بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وسرقة أموال المقاصة، فضلاً عن تداعيات العدوان على شعبنا في غزة؛ الأمر الذي أدى إلى انخفاض القوة الشرائية، وضعف التنمية الاقتصادية”.
وفي سياق متصل، أكد العامور بذل الوزارة كلّ الجهود على المستويين الداخلي والخارجي، بما يشمل سن القوانين والتشريعات، وعقد اتفاقيات تعاون مع العديد من الدول؛ لإنقاذ الاقتصاد الفلسطيني، وخلق بيئة جاذبة للاستثمار.