كمال ذبيان – الديار
توقيت الزيارة الدينية لوفد من مشايخ في الطائفة الدرزية من سورية الى مقام النبي شعيب في الجليل الاسفل بفلسطين المحتلة هو ما أثار السؤال حول المهمة والأهداف في ظل إعلان العدو الإسرائيلي “حماية الدروز” وتماهي الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في فلسطين الشيخ موفق طريف مع مشروع رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اعلن ان خطته “للشرق الأوسط الجديد” بدأت تكتمل ومن ضمنها قيام “تحالف الأقليات” وإنشاء “دولة او دويلة درزية” كانت تنشط الدعوة لها وتم الإعداد لها ولغيرها من الدويلات الطائفية والمذهبية بعد الحرب العالمية الأولى واقتسام المشرق العربي بين بريطانيا وفرنسا في اتفاقية سايكس – بيكو عام 1916 فرفض الدعوة التي وجهها الشيخ طريف لدروز في سورية لاقت الرفض من مراجعهم الدينية وفعالياتهم السياسية.
فمنذ ما بعد حرب تشرين 1973 بين الجيشين السوري والإسرائيلي في الجولان وجبل الشيخ وتقدّم الجيش السوري في القنيطرة الا ان الاحتلال الاسرائيلي ثبت وجوده وحصل فصل للقوات رعته الامم المتحدة وتوقف التواصل بين أهالي الجولان والقنيطرة والسويداء مع أقاربهم في الجولان المحتل في قرى مجدل شمس وبقعاتا وعين قنيا ومسعدة وضمّت الجولان اليها في عام 1980 بموجب قانون صدر في الكنيست الاسرائيلي ويعتبره اليهود بأنه كان مكاناً لمملكة “جشور” التوراتية فرفض اهالي الجولان ضمه وتمسكوا بهويتهم السورية وقاموا بانتفاضات عدة. وبرز منهم مقاومون للاحتلال الإسرائيلي الذي منع زيارات الاهالي لبعضهم فكانوا يلتقون عند الشريط الحدودي الفاصل بين المناطق المحتلة وتلك المحرّرة ويبدأون بالصراخ لبعضهم عبر الوادي الذي سُمّي بـ “وادي الصراخ”.
فـ”إسرائيل” كانت تمنع “لمّ الشمل” منذ 51 عاماً وسمحت هذه المرّة بزيارة وفد من المشايخ الدروز لانها تريد استخدامها في مشروعها التوسعي وهي بعد سقوط النظام السوري برئاسة بشار الاسد احتلت أراضي سورية من القنيطرة وريفها وصولاً الى درعا وقد تتقدم القوات الإسرائيلية لإقامة منطقة عازلة و”حزام أمني” تحت مسمّى “حماية الأقليات” ومنهم الأكراد.
ولم تحقق الزيارة وإن كانت غايتها دينية، أهدافها السياسية وفق ما خطط له العدو الإسرائيلي الذي أعلن وزير الامن الاسرائيلي يسرائيل كاتس بأنه ومنذ 16 آذار الحالي ستفتح أبواب العمل أمام الدروز وهو تكرار لمشهد اتبعه الاحتلال الإسرائيلي مع اللبنانيين في “الشريط الحدودي” ففتح لهم ما سُمّي بـ “الجدار الطيب” كما أن وزير الخارجية الإسرائيلية جدعون ساعر أعلن عن تقديم مساعدات للدروز بحوالى عشرة آلاف وحدة نقلوا الى المناطق المحتلة من اجل تعزيز الثقة بين الكيان الصهيوني والأهالي وتشجيعهم لتطبيع العلاقات والانخراط في مشروع إقامة “حرس حدود” للدولة العبرية والوفد الذي ذهب إلى مقام النبي شعيب يقيم أعضاؤه في بلدة حضر وهي تحت الاحتلال الإسرائيلي ورفض أهاليها الزيارة واعتبروا من شاركوا فيها لا يمثلون سوى أنفسهم وهم قلة قليلة لا تعبر عن الموقف الوطني السوري للدروز في حضر، خصوصاً وجبل العرب ومناطق أخرى عموماً، وجرى التلاعب بعواطفهم بأن الزيارة دينية فقط، في حين أن من دبرها يعمل في المشروع الاسرائيلي ومنذ الثلاثينبات وقبل اغتصاب فلسطين على أن تقوم على حدود كيانه “دويلات” تؤمن أمنه. ونجح في ان تنخرط اطراف سياسية ومراجع دينية في مؤسسات “دولته التوراتية” “في فلسطين المحتلة وإقامة تحالفات خارجها”.
ولم تحقق الزيارة الدينية لعدد قليل من المشايخ في الطائفة الدرزية ما أراده العدو الإسرائيلي مع الشيخ طريف الذي يواجهه الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في رفض ما يرسمه للدروز الذي قال جنبلاط عن أنه لا يمثلهم وليس مرجعيتهم لا في فلسطين المحتلة ولا في المنطقة، حيث يحمل جنبلاط موقفاً وطنياً لجهة رفض “الخدمة الإلزامية” للدروز في الجيش الإسرائيلي وعقد لقاءات مع ممثلين عنهم ووجّههم باتجاه عدم الصدام أو قمع الانتفاضة أو المقاومة في فلسطين المحتلة.
وتصدّي جنبلاط هو من ضمن شبه إجماع درزي في لبنان وسوريا وفلسطين والأردن للمشروع الإسرائيلي فصدر بيان عن المجلس المذهبي الدرزي برئاسة شيخ عقل طائفة الموحدين في لبنان سامي أبي المنى يرفض الزيارة ويدعو للحفاظ على الانتماء العربيّ، وهو ما أكد عليه رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان الذي تحدّث عن التاريخ المقاوم للدروز بمواجهة الحملات والاستعمار الأجنبي.
والطائفة الدرزية أمام مرحلة مصيرية كما غيرها من الطوائف والمذاهب التي يرسم لها مشاريع ومنها “مشروع الشرق الاوسط” المرتبط “باتفاق أبراهام” الذي في مضمونه الاسرائيلي – الاميركي إشارة الى “الاخوة الاسلامية – اليهودية” التي يروّج لها نتنياهو ويرافقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب فيكون الاتفاق على السماء وترك الأرض.
https://addiyar.com/article/2233069